الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاقتداء بأهل الخير لا يدخل في باب الرياء

السؤال

سؤالي يا شيخ، هل إذا عملت عملا بمجرد أني رأيت شخصا يفعله يعتبر ذلك العمل غير مخلص للهمثال إذا رأيت شخص يتصدق قمت فتصدقت وإذا رأيت شخصا ذهب للعمرة ذهبت للعمرة، وكيف السبيل لأبتعد عن الرياء، وكيف أجعل عملي خالصا لله وحده؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الاقتداء بأهل الخير والصلاح وبفاعل الخير من الأمور المحببة شرعاً وليس من الرياء، بل استحب أهل العلم إظهار الأعمال الصالحة لمن أمن على نفسه الرياء ليقتدي به من يراه، قال الله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ {البقرة:271}، وروى مسلم عن جرير قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر النهار قال فجاء قوم حفاة عراة، مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى، ثم خطب، فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. والآية التي في الحشر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.

قال الإمام النووي: فيه الحث على الابتداء بالخيرات، وسن السنن الحسنات، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات. وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله: فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها فتتابع الناس، وكان الفضل العظيم للباديء بهذا الخير، والفاتح لباب هذا الإحسان. انتهى.

وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر فصلى... ثم أتى النساء وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة. ومن أوضح الأدلة على أن الاقتداء بأهل الخير لا رياء فيه بل مستحب حديث أبي كبشة الأنماري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله فينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل، فهما في الأجر سواء. الحديث. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

والخلاصة أن الإقدام على الأعمال الصالحة لله عز وجل أسوة بمن قام بها ليس فيه رياء، ولا يقدح في الإخلاص، ولمعرفة الرياء وطرق التخلص منه راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10992، 8523، 54008.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني