الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب مصري مثل آلاف الشباب كنت أعمل بشركة سياحة بالقاهرة وكان لي من التعامل الكثير مع الأجانب ومن ضمن هذا التعامل أقمت علاقة آثمة مع سيدة أجنبية وقد قدمت لي هذه السيدة كثيرا من الأموال بعد رحيلها عن القاهرة لكي أسافر إليها فى بلدها ونكمل ما ابتدأناه من معصية وللأسف قد قمت باستلام النقود وقد صرفتها بالفعل ولم أسافر لها وقد رغبت بعد ذلك في استرداد نقودها ولم أكن ساعتها فى مقدوري ردها وانتهى الموضوع على ذلك، وبعد ذلك تزوجت والحمد لله رب العالمين التزمت وتزوجت من الأخوات والتحيت وتبت إلى الله عن هذا الذنب وأدعو الله دائما أن يتقبل توبتي النصوح، ولكن هناك دائما ما ينغص علي حياتى وأشعر بمرارة فى نفسي من أجل هذه الأموال التي أخذتها، وأعلم أن علي ردها حتى أشعر أن الله عز وجل تقبل توبتي، والمبلغ ليس بقليل إنه ما يعادل 17000 جنيه مصري بعد زواجي سافرت إلى دولة عربية بحثا عن عمل لكي أستطيع أن أرد هذا الدين المعلق فى عنقي وبالفعل وجدت عملا ولكن للأسف شروط البلد حسب راتبي تمنعني من اصطحاب زوجتي معي أو حتى عمل زيارة لها فأنا الآن فى قمة حيرتي إنني غائب عن زوجتي منذ سبعة شهور وأعلم أن هذا خطأ ولكنى لن أستطيع أن أعود إجازة قبل سنه ونصف فأنا لا أعلم ماذا أفعل هل أستمر فى عملي هذا لكي أتمكن من سداد الدين وذلك على حساب زوجتي التي ليس لها أي ذنب فيما اقترفته فى الماضي لقد صارحتها بأمر هذه المرأة وأمر الدين والآن لا أعلم هل أستمر فى عملي وأكون بعيدا عن زوجتي أم أرجع إلى بلدي وفى هذه الحالة لن أتمكن من سداد ديني، ولكن زوجتي طلبت مني أن أبيع شقتنا وأن نسدد الدين منها وبعد ذلك يفعل الله ما يشاء، فالرجاء نصحي وأن تشيروا علي ماذا أفعل مع مراعاه أن كل ما تقوله سوف أنفذه بإذن الله ، مع مراعاه أيضا يا سيدي أن لي فى مصر أمي وأختان ووالدي توفي قريبا، فهل أرجع وأبيع بيتي وأسدد الدين وأبحث عن عمل هناك وأجاهد في زوجتي وأمي وأخواتي، أم أستمر في عملي هنا لكي أسدد ديني لكي لا أبيع بيتي وذلك سوف يكون على حساب أمي وزوجتي وإخوتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا نهنئك في البداية على توبتك واستقامتك، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك وأن يثبتك على طاعته، ونهنئك كذلك على زواجك من امرأة متدينة، وهذا من فضل الله تعالى عليك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الدينا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة. رواه مسلم.

ثم اعلم أخي الكريم أن المؤمن مبتلى، وأن هذه الابتلاءات قد تكون كفارة لما سلف منك من سيئات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. رواه الترمذي وصححه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وصححه الألباني أيضاً. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.

وأما نصيحتنا لك، فإننا ننصحك بالاستمرار في عملك وعدم تركه كي تتمكن من سداد دينك، ولا ننصحك أبداً ببيع بيتك لأن الحصول على مثله مرة أخرى من الأمور العسيرة، وربما اضطررت إلى الاستدانة مرة ثانية لشراء بيت، فتقع فيما فررت منه، وحاول إقناع أمك وزوجتك بالصبر على غيابك هذه المدة، وننصحك أيضاً بمحاولة إقناع صاحب العمل الذي تعمل عنده بالموافقة على استقدام زوجتك للإقامة معك.

وننبهك في الأخير إلى أنه ما كان ينبغي لك إخبار زوجتك بمعاصيك السابقة، بل كان يكفي أن تخبرها بأن عليك ديناً لم تتمكن من سداده إلى الآن، لأن المسلم مأمور بأن يستر على نفسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله تعالى. رواه الحاكم والبيهقي وبنحوه مالك في الموطأ وصححه الحاكم وابن السكن والألباني. نسأل الله تعالى أن يقضي دينك وييسر أمرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني