الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستقامة وتجنب أسباب الغضب خير معين على ترك الشر

السؤال

كيف يمكن الخلاص من الشر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخلاص من الشر يكون باستقامة المرء على أمر الله، وابتعاده عن مسالك الشيطان، ومما يساعد على ذلك الالتزام بالبيئات الصالحة كالمساجد ومجالس العلم، ومصاحبة من فيها من طلاب العلم وأهل الخير، والاشتغال بالتعلم والأعمال الصالحة معهم، والهجران لمجالس السوء وأصحاب السوء...

وقد ذكر أهل العلم أربعة أمور تعين في حمل النفس على الاستقامة وهي:

أولاً: المشارطة، وذلك بأن يشترط عليها أن تقلع عن السوء، وأن تلزم تقوى الله وطاعته وحبذا لو كان ذلك في كل صباح.

ثانياً: المراقبة، وذلك بأن يراقب المرء نفسه هل هي فعلاً قد أوفت بما اشترط عليها أم لا.

ثالثاً: المحاسبة، بأن يحاسبها على الأفعال والأقوال.

رابعاً: المجاهدة، بأن يقصرها قصراً على طاعة الله ويلزمها إلزاماً بمخالفة الهوى والشيطان.

ومما يعين على الاستقامة أيضاً ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي طلب منه أن يوصيه فأوصاه بترك الغضب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مراراً، قال: لا تغضب. رواه البخاري.

فإذا لم يغضب المرء فقد ترك الشر كله، ومن ترك الشر كله، فقد حصل الخير كله، ومعالجة الغضب، تكون بأمور كثيرة أرشدنا إليها الإسلام، منها:

* أن يروض نفسه ويدربها على التحلي بمكارم الأخلاق، كالحلم والصبر والتأني في التصرف والحكم.

* أن يضبط نفسه إذا أُغضب ويتذكر عاقبة الغضب، وفضل كظم الغيظ والعفو عن المسيء، قال الله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}، وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما كظم عبدّ لله إلا ملئ جوفه إيماناً.

* الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف:200}، وروى البخاري ومسلم: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

* تغيير الحالة التي هو عليها حال الغضب، فقد روى أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع.

* ترك الكلام، لأنه ربما تكلم بكلام قوبل عليه بما يزيد من غضبه، أو تكلم بكلام يندم عليه بعد زوال غضبه، روى أحمد والترمذي وأبو داود: إذا غضب أحدكم فليسكت. قالها ثلاثاً.

* الوضوء، وذلك أن الغضب يُثير حرارة في الجسم، والماء يبرده فيعود إلى طبعه، روى أحمد وأبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. إلى غير ذلك من الخصال الفاضلة، التي أرشدنا إليها هذا الدين الحنيف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني