الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهجر والإصلاح بين المتخاصمين

السؤال

هل يجوز لمسلم أن يقاطع مسلما آخر كأن لا يلقي عليه السلام وغيره من المعاملات، وما حكم من يدعو إلى مثل هذه المقاطعة، ويأمر بها الآخرين مستغلا سلطته الإدارية أو غيرها من السلطات عليهم، مستعملا وسائل تهديد مختلفة، وذلك فقط بسبب خلافات إدارية بين أولئك الذين دعوا إلى المقاطعة وبين أولئك الذين فرضت عليهم، وما حكم من أمر ومن أطاع ومن سكت عن ذلك رغم أنه كان قادراً على أن ينهى هذا الفعل، ذلك وللعلم أن هذه المقاطعة أثرت سلبيا على علاقات عدد كبير من الإخوة المسلمين وأبناء المسجد الواحد ببعضهم ما يزيد عن ستة أشهر وما زالت مستمرة، وإذا كان هناك من أسباب تستوجب أن يقاطع المسلم أخاه أرجو الإيضاح، أفيدونا في أسرع وقت؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد::

فقد بينا ما يجوز من الهجر وما لا يجوز وأن الأصل أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا في حالات، ذكرها أهل العلم وبينا ذلك كله في الفتوى رقم: 7119، والفتوى رقم: 53017.

فإذا كان سبب الهجر صحيحاً مشروعاً كما بينا فلا حرج فيه، وإن كان غير مشروع بل كان لحظوظ النفوس والأهواء فلا يجوز، مع التنبيه إلى خطورته لما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً إلا امرأً بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد عن أبي خراش رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه.

وأما غير المشروع فلا يحل أصلاً ولا يجوز للمسلم طاعة غيره كائناً من كان في معصية الله وفعل ما لا يجوز فعله، فالمدير إنما يطاع في المعروف، وأما إذا أمر بمعصية الله فلا تجب طاعته بل تجب معصيته وإرضاء الله عز وجل بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه.

والواجب على المسلم إذا حصل بين إخوانه تنافر وتباغض أن يصلح بينهم، قال الله سبحانه وتعالى في قوله: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}، وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10}.

فهذا هو الواجب على المسلم تجاه ما يحصل بين إخوانه فيبين لهم الحق ويسعى في الصلح بينهم وينصر المظلوم ويمنع الظالم من الظلم، وأما من سعى في إثارة الضغائن وزرع الإحن بين المسلمين فإثمه كبير وفعله خطير، فمن ألم ببعض ذلك فليتب إلى الله عز وجل قبل فوات الأوان ومن تاب تاب الله عليه إن الله تواب رحيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني