الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم،
منذ ثلاث سنوات خطب أخي الكبير (مهندس مدني) ابنة ولد عم والدي (أي من العائلة) وحصل بين العائلتين الاتفاق على كل شيء من خطبة ونفقاتها وكتب كتاب وزواج وجهاز وإلخ.. ولم يتوجب على عائلة العروس سوى العرس لا جهاز ولا غيره.
وخلال فترة الخطوبة لاحظ أخي أن والدة العروس أي حماته بأنها امرأة قوية (وهذا كان معروفا عنها سابقاً، قبل الارتباط) وأنها متسلطة على أولادها وعلى أصهرتها جميعاً.
لكن الفرق بين أخي وبين أصهرتها، بأن أخي رجل متعلم يعمل في مؤسسة كبيرة جداً وهو مدير قسم المعلومات والترويج وبحكم عمله يسافر مرتين شهرياً على الأقل.
خلال فترة الخطوبة عانى أخي الأمرين من والدة عروسه من طلبات ومن وقاحة ومن أشياء كثيرة ولكنه رغم كل ذلك كان يحب خطيبته جداً ، وقبل كتب الكتاب ذهب والدي ووالدتي وأخي إلى منزل عروسه لتحديد الكتاب والتكلم عن العرس وكل شيء.
تم الاتفاق على المقدم "نسخة عن المصحف الشريف وليرة ذهب" والمؤخر 25000$.
وتم الاتفاق أيضاً على أن العرس على أهلها قدر إمكانياتهم.
وبعد كتابة الكتاب بدأ التذمر والتهرب من العرس وبأنهم لم يتفقوا على هذا الشيء، فعاد وذهب أهلي لمنزل العروس مع أخي (العريس) وأخي الأصغر .
وهناك تفاجأ أهلي بأن أهلها كانوا جاهزين ومجتمعين جميعهم ولكن العروس لم يدعوها تخرج وتقابل أهلي فتكلموا ونكروا كل شيء وقالوا كلاما بذيئا جداً وكبر المشكل وزاد الطين بلة.
ولكن رغم ذلك بقيت العروس متمسكة بأخي وهاتفته وقالت له بأن يخرجها من البيت بأية طريقة لكي ترتاح من هذا الجو ولكن أخي رفض ولم يعد يزور منزل عروسه بل يقابلها خارجاً بعد دوام عملها، بينما أهلها الكرام ذهبوا للعائلة (عماتي ..) وحكوا كلاما طالعا ونازلا حتى العائلة غضبوا وكبرت المشكلة أكثر وأكثر وبعد ذلك قررت العروس المجيء إلى منزل أهلي والإقامة معهم حتى يتم الزفاف وبقي الحال حتى دخل والدها (أي ابن عم والدي) في حالة غيبوبة استمرت 10 أيام وكان يذهب هو وخطيبته كل يوم ولكن من دون أي كلام ومن ثم توفي والدها وذهبت هي وذهب إخوتي ووالدي إلى الدفن والعزاء والثالث ولكن الأصهرة الأعزاء لم يقبلوا أن يسلموا على أخي وبعد مرور شهر عادت خطيبة أخي وأقامت عند أهلي وبعد مرور 9 أشهر أقام أخي زفافا لا يوصف في فندق 5 نجوم وبقيت عروسه حتى الآن تذهب أسبوعياً يومين لمنزل أهلها هي وولدها ولكن أخي رافض حتى الآن المصالحة إلا إذا أتت والدتها وأختها القوية إلى منزل أهلي والاعتذار أمام الجميع مع العلم أنه منذ 5 أشهر ذهبت والدة العروس إلى منزل عماتي واعتذرت وقالت بأنها نادمة جداً وبأن وفاة زوجها غيرت بها أشياء كثيرة (ولكن رأيي الخاص بأن امرأة مثلها لا ولن تتغير) وطالبت بأن تعود الأمور إلى مجراها والمسامح كريم.
حاول أهلي وعماتي تحنين قلب أخي عليها ولكنه رافض كلياً ويقول دائماً أنا لا أمنعها عنهم بالعكس لها الحرية الكاملة وإن ساءت الأمور فبإمكانه العيش من دون زوجته على أن يتقبل والدتها.
لذا، أتوجه إليكم وأطلب منكم رأيكم الشخصي والديني، ولكم جزيل الشكر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأفضل للأخ والأقرب للتقوى أن يعفو عن أم زوجته ويصفح عنها قال تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {البقرة:237 } . وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين . إلى قوله: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ { الشورى: 40 ـ 43}. وقال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{آل عمران:134}. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله .

فنحض الأخ على العفو والتواضع ، ليزيده الله عزاً ورفعة ، ثم ليعلم أن المسلم لا يحل هجره فوق ثلاثة أيام ، وأن الكبير المسلم ينبغي توقيره لقوله صلى الله عليه وسلم : ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي عن أنس.

ولذا يتأكد عفوه عن والدة زوجته من هذا الجانب ، ومن جانب الإحسان إلى زوجته ومعاشرتها بالمعروف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني