الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبح التسامي بالأنساب والألوان

السؤال

الموضوع هو السخرية.. الرجاء إعطائي الأدلة الشرعية والفتوى الملائمة في هذا الموضوع
سؤالي هو أنني أعيش في مدينة فلسطينية وأنا أصلي (أي بلد أهلي) من الريف ( القرى الفلسطينية المجاورة لها) ... أسمعهم يسخرون من أهل القرى بقصد و بدون قصد...لا أنكر أن هذا الأمر يكرهني بهم و يزيد من بعد المسافة بيننا... أعمل معهم في إحدى المؤسسات الحكومية ويزعجني استهزاؤهم من بقية أبناء الشعب مع أنه والله لا مقارنة بين أهل المدينة والقرية في أمور كثيرة أهمها البساطة والطيبة وعدم اللؤم في الطباع ...كذلك لا مقارنه بيني وبين زميلاتي من حيث المستوى الاجتماعي فعائلتي أكبر بكثير من عائلاتهم من حيث جميع المستويات التي يقارن بين الأفراد في وقتنا من دين و علم ومال وأخلاق ورقي في التصرف تصور أنه إذا ذهب أحدنا للشراء من السوق فإن الأسعار وجودة المادة التي نشتريها تتغير حسب المشتري ... إذا كان فلاحا يباع بثمن غال و كذلك يباع بضاعة ذات جودة أقل (مضروبة حسب لهجتنا)، ما أريده منكم هو إعطائي دليلا شرعيا يمنع التمييز بين المسلمين و عقوبة ذلك في الإسلام لعل الإسلام يردعهم ... جزاكم الله كل الخير وأشكركم على حسن الإصغاء . فأنا والله لا أقبل أن أدخل في شجار مع مسلمة مثلي بسبب هذه التفاهات التي نهى عنها الإسلام و لكن أخاف من كثرة الاستهزاء و امتهان الكرامة في بعض الأوقات أن يكون هذا الأمر سببا في قطيعه بيني وبين زميلاتي في العمل .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا قيمة ولا اعتبار لهذه المسميات في شرع الله تعالى؛ لأن مقياس الكرامة وميزان التفاضل عند الله تعالى هو بالتقوى، أما الأنساب والألوان واللغات والمجتمعات والثقافات فالتفاضل بها من شأن الجاهلية التي قضى عليها الإسلام ونبذتها نصوص الوحي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات: 13} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. رواه البيهقي.

وعلى كلٍ فالدين يرفض التفاضل على أي أساس غير تقوى الله تعالى، ووجود هذه الفئات أو الطبقات في مجتمع ما لا يترتب عليه حكم شرعي، ولا ينبني عليه عمل تكليفي. أما عن موقف الإسلام من الجنسيات فجِماعُه قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

فلا نسب ولا عز ولا جاه ولا سلطان ولا جنسية ولا ريفية أو مدنية أرفع من التقوى، روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن، رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني

وقد تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة. رواهما البخاري.

وإن مما يندى له الجبين ما حصل بين المسلمين من فرقة بسبب انقسامهم إلى دويلات مما أضعف رابطة الإسلام وأحل مكانها القومية والوطنية، وهذا لا يعني أن الإسلام يرفض الانتماء إلى بلد معين أو أسرة معينة أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز لا من باب الفخر والتمييز، فلا يحل لمن ذكرت بعد هذا أن يميزوا في المعاملة بين القروي والمدني، ومن فعل ذلك فهو آثم يتحمل وزر ما يقول وما يفعل.

أما بالنسبة للبيع بسعر أعلى للقروي فإذا كان السعر محددا فلا يجوز فيه الكذب على القروي أو غيره، وإن لم يك محددا وأراد البائع أن يبيع بسعر أعلى بغض النظر عن السعر الذي يبيع به لغيره، فلا مانع من ذلك لأن مالك الشيء له أن يبيعه بأعلى من سعره. المهم أن لا يكون هناك غش ولا خداع ولا تدليس. والذي نراه في هذه الصورة أن البائعين يستغلون القرويين لعدم علمهم بالسوق وعدم تحريهم لأسعار البضائع فيه، وراجعي الفتوى رقم: 65086 ، والله تعالى يوفق المسلمين لما يحب ويرضى.

وللمزيد من التفصيل والفائدة وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 61680، 52337، 73، 30143، 53423.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني