الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخيانة.. تعريفها.. وحكم الخائن

السؤال

ما حكم الشرع في سوء استخدام الأمانة ؟ وما هو تعريف الخيانة ؟ وما حكم الخائن في الشرع ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حث الشرع على حفظ الأمانة ونهى عن تضييعها وأمر بأدائها إلى أهلها حيث قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} قال الإمام ابن كثير في تفسيره : يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك ، فأمر الله عز وجل بأدائها فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء . انتهى

فتضييع الأمانة معصية ومخالفة لأوامر الشرع بحفظها وأدائها لأهلها .

والخيانة هي عدم نصح صاحب الأمانة ، بتضييعها والغدر بصاحبها الذي يعتقد أن من ائتمنه سيحفظ أمانته. ففي لسان العرب لابن منظور : الخون أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح ، خانه يخونه خونا وخيانة وخانة ومخانة . انتهى

وقال القرطبي في تفسيره : والخيانة : الغدر وإخفاء الشيء، ومنه : يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ {غافر: 19} وكان عليه الصلاة والسلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة . خرجه النسائي عن أبي هريرة . انتهى

ومن صدرت منه خيانة فالواجب عليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة ، ومن صدق توبته رد الحق إلى صاحبه، ففي تفسير الطبري عند تفسير قوله تعالى : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ...الآية {النساء: 115} ونزلت هذه الآية في الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله : وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا {النساء: 105} لما أبى التوبة من أبى منهم ، وهو طعمة بن الأبيرق ، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتداً ، مفارقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه . انتهى ، وللفائدة راجع الفتوى رقم : 64189 ، والفتوى رقم : 1794 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني