الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السب واللعن والفحش ليست من خلق المسلم في شيء

السؤال

شيخنا الجليل أريد منكم أن تجدوا لي حلا سريعا قبل فوات الأوان, أنا متزوجة منذ سنة مع زوجي الذي هو من عائلتي, فهو يصلي ويذهب أحيانا إلى المسجد, ولكنه لا يعمل بما يسمع من خطب, وكما أنه يقرأ القرآن أحيانا وبالرغم من ذلك فهو يسب ويشتم بأبشع الألفاظ أعزكم الله يسب لي أبي وأمي التي ماتت منذ 10 سنوات, وأحيانا يسب والديه وعندما يكون في قمة غضبه يسب الله عز وجل, تملكه الشيطان لأبعد حد, وإذا أخطأت في حقه وأنا أعترف بذلك أستغفر لذنبي وأعلم أن طاعة الزوج واجبة, لكنه لا يعالج المشكل بالحوار أو الموعظة أو حتى الهجر في الفراش بل يضرب بقوة في كل مكان, و ما زاد الطين بلة أنه يحط من كرامتي أمام الضيوف ويسبني ويفشي أسرار بيته سواء للضيف أو الصديق وما عرفته مؤخرا أنه يحكي أسرار حجرة نومنا, وقد رمى علي الطلاق مرات عديدة, و حينما يهدأ يستغفر الله ويقول لي لم أقصد ذلك ولكنه عندما ينطق بالطلاق أقول هل تدري ما تقول يؤكد نعم ويحلف بالله , و في يوم كنا مع بعض من عائلته و التقى بامرأة وراح يكلمها لمدة طويلة وعندما رجع إلينا تحدثت إليه وحدنا وسألته عن تلك الفتاة وهل أنت متزوج و هل هذا هو إسلامنا سبني و صرخ في وجهي و الناس ينظرون وعند عودتنا إلى البيت تناقشنا ورفع إلي القرآن الكريم و حلف عليه بأنه يحب التحدث مع النساء ومجالستهم, و كل هذا وذاك فقد حرمني في بداية زواجنا من الإنجاب بحجة أنه يمر بأزمات مالية و من التعرف على صديقات لأننا في بلاد الغربة ومن متابعة دراستي السنة المقبلة وكذا من العمل, كما انهي توعدني دائما بما لا ادري?و يقول<ما تبقاش فيك>,لا ادري سيدي ما العمل, فهو عصبي لدرجة لا تطاق, وما هذه إلا نبذة من حياتي,أرشدوني لمافيه خير لي و له و جزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبادئ ذي بدء عليك أن تسألي عن صحة بقائك مع هذا الرجل، حيث إنه ألقى عليك الطلاق عدة مرات كما قلت، ومن المعلوم أن طلاق غير المكره وغير الغضبان الذي بلغ درجة عدم الإدراك لما يقول واقع، ومن المعلوم كذلك أن الطلاق مرتان، للزوج الرجوع بعدهما، فإن طلق الثالثة فهي البينونة الكبرى التي لا رجعة فيها، ولا تحل الزوجة بعدها حتى تنكح زوجا غيره.

ولذا عليك أن تنظري كم مرة طلقك زوجك، فإذا كن ثلاثا أو أكثر، فلا يحل لك البقاء معه، ولا يقربنك، فلم يعد زوجا لك، ولم تبقي زوجة له، لا هو حل لك ولا أنت حل له.

كما أن هناك أمرا آخر لا يقل عن طلاق الثلاث في آثاره السلبية على رباط الزوجية، وهو ردة الزوج وكفره، فإذا ارتد الزوج والعياذ بالله فإن عقد الزواج ينفسخ، فإذا تاب وأسلم، فلا بد من تجديد العقد، وإن سب الله تعالى وسب رسوله صلى الله عليه وسلم أو سب دينه كفر كفراً مخرجاً من الملة. وتراجع الفتوى رقم: 33915، 17875 .

وبعيدا عن عقد النكاح وصحته، ننصح هذا الرجل بأن يتقي الله ويتوب إليه، وأن يحذر لسانه فإنه سيهلكه إن لم يلجمه عن هذه الأقوال، فإن سب الله عز وجل كفر أكبر كما سبق، كما أن سب المسلم فسوق، لما رواه الشيخان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.

وليس السب واللعن والفحش من خلق المسلم، ولا يحب الله عز وجل هذا الخلق، فعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. أخرجه أحمد والترمذي.

وعند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش المتفحش.

ويشتد الأمر إذا كان السب للوالدين فإن ذلك من كبائر الذنوب، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه! قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه. فهذا في حق من تسبب في سب والديه أو أحدهما، فكيف بمن باشر سبهما!

فعليه أن يتوب الى الله من ذلك، كما أنه عليه التوبة من إفشاء سر علاقته الخاصة بزوجته، فإن ذلك من المحرمات لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني