الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرة للآخرين

السؤال

أعمل فى الخارج وزوجتى حامل وشركات الطيران تمنع سفر الحوامل فى الشهور الأخيره فهل يجوز لى عند سؤالى فى المطار ذكر مدة الحمل أقل من الوضع الطبيعى تفاديا للمنع من السفر حيث إننى أتضرر كثيرا فى حالة عدم السفر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالكذب حرام، كما هو مبين بأدلته في الفتوى رقم :1824

ولا يرخص في شيء منه إلا لضرورة أو حاجة، ويجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود، بحيث لا توجد وسيلة أخرى مشروعة تحقق الغرض، ومن الوسائل المشروعة التي تحقق الغرض دون وقوع في الكذب: ما يسمى بالمعاريض، حيث تستعمل كلمة تحتمل معنيين، يحتاج الإنسان أن يقولها، فيقولها قاصدا بها معنى صحيحا، بينما يفهم المستمع معنى آخر.

كأن تقول: هي في شهرها السابع وتقصد من السنة أو من السنة الثانية أو الثالثة على زواجك منها ونحو ذلك, فإن تعين الكذب وسيلة إلى الوصول إلى الحق دون ضرر جاز .فقد صح في الحديث جواز الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرة للغير تذكر، فيما رواه البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا. وفي رواية: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. والمراد بالحديث بين الزوجين هو عن الحب الذي يساعد على دوام العشرة.

وقد رأى بعض العلماء الاقتصار في جواز الكذب على ما ورد به النص في الحديث، ولكن جوزه المحققون في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير، يقول ابن الجوزي ما نصه: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجبا، فهو واجب.

وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ج 2 ص 145: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت بالمسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب.

وعلى هذا، فإن كانت هنالك حاجة ماسة إلى مرافقة زوجتك ولم يكن في ذلك ضرر عليها أو على جنينها أوعلى شركة الطيران وأخبر بذلك من أهل الشأن من أطباء وقانونيين فلا حرج عليك أن تترخص بما يحقق لك حاجتك من الكذب. والأولى استعمال المعاريض والتورية ما أمكن ذلك وحقق المقصود. وانظرالفتاوى ذات الأرقام التالية: 29059 / 29954 / 4512 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني