الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبر الزوجة على أذى أم زوجها وأخواته

السؤال

أم زوجي إنسانة عصبية جدا ولسانها سليط، كم من مرة أهانتني بسبب جنسيتي فأنا لست من جنسية زوجي لكني الحمد لله مسلمة وأبرها وكلما أريد أن أحسن إليها أو أكلمها بكلمة طيبة ترد علي بالإساءة وتسيء إلى وإلى أهلي أيضا وزوجي حزين من هذا الشيء ولكن يبرها وحتى أنها وبناتها أذلوني ووصفوني بالكلبة وسكت ولم أرد عليهم بشيء وأنا دائما في خوف منها أن تأخذ زوجي مني وأن يتركني ولكن أنا واثقة من الله ومن زوجي أيضا فهو يبرها ولكن يفهم كل خططها وكلامها ولكن عندما تقول له يطلقني أو أن لا يصرف علي أو أن يجعلني أدفع ثمن هدية اشتراها لي زوجي فهل يجوز لها ذلك وهل على زوجي أن يطيعها في كلامها مع العلم أنها تملك من المال الوفير وتعطي كل أولادها إلا زوجي وهو الابن الأكبر لها لا تعطيه شيئا أبدا وتقول هذه نقودي أنا، فماذا أفعل وهل كلامها صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه سلم قال: ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، ما نقص مال من صدقة وما ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله تعالى عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر. أخرجه الترمذي وحسنه ابن ماجه وأحمد وحسنه السيوطي.

والشاهد فيه أن المرء متى ما ظلم مظلمة فصبر زاده الله تعالى عزاً ورفعة، فننصحك بالصبر على ما تلقينه من أذى من أهل زوجك، واعلمي أن الإحسان إليهم إحسان إلى الزوج وبر به، ولا يزيدك ذلك عنده إلا إعجابا بك وإكبارا. ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت كذلك، ففي الحديث: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وينبغي أن تحاولي معرفة سبب بغضهم إياك، فربما كان السبب منك فأصلحت ما بينك وبينهم فرضوا، وربما كان حسدا منهم أوغير ذلك ودواء الحسد هو الترفع عن الحاسد وعدم مجاراته فيما يقول.

كما أن دفع السيئة بالحسنة من أقوى أسباب جلب المودة، كما قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34]. ولا يجوز لهم سبك ونعتك بمثل تلك الألفاظ البذيئة، وعلى زوجك أن ينصح أمه بأسلوب هين لين لتكف عن ذلك، ومنع الأم من الظلم ليس عقوقا بل هو من البر بها، وليكن حكيما في ذلك.

وأما مطالبتها إياه بفراقك أو دفع ثمن هداياه إليك فليس ذلك من المعروف، وينبغي أن يسترضيها وأن يفعل المعروف، وإذا استطاع ألا تعلم بما يهدي إليك فهو أولى تجنبا لأسباب الخلاف، ولئلا تحرمه من صلتها إن كانت تصله بمال ونحوه .

وخلاصة القول أننا نصحك بمواصلة الصبر على أذى أهل زوجك ودفع سيئتهم بالحسنة والعفو والصفح الجميل . مع محاولة معرفة سبب ذلك ومعالجته ما أمكن . وإذا كان من أسبابه وجودك مع أهله في شقة واحدة فلك مطالبته بسكن منفصل مستقل فذلك من حقك عليه، وللفائدة انظري الفتويين التاليتين: 5338، 6710. وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.

وأما ما ذكرت من كونها لا تعطي زوجك مثلما تعطي لباقي أبنائها فلا يجوز لها ذلك على الراجح إلا إذا كان لمسوغ معتبر كفقرهم واستغناؤه، وقد بينا حكم العدل بين الأبناء في العطية وكلام أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 6242 ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ أعراضنا وألسنتنا من قالة السوء إنه سميع مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني