الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ذكر المواقف المضحكة عمن لا يعرفون بأعيانهم

السؤال

هل ذكر القصص عن بعض المواقف الغريبة المضحكة عن بعض الناس يعد من الغيبة ؟؟
وهل يدخل في ذلك القصص عن جحا حيث إني قرأت أنه من التابعين أي أنه شخصية حقيقية ، فهو ولا شك لا يحب أن يتكلم عليه الناس كما يتكلمون عنه بقصص مضحكة، ومن هذه الكتب كتاب أخبار الحمقى والمغفلين للإمام ابن الجوزي فهل مثل هذه القصص تعتبر من الغيبة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالغيبة قد عرفها العلماء بأنها ذكر المرء أخاه بما يكره من العيوب وهي فيه، فإن لم تكن فيه فهو البهتان، كما في الحديث: قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.

والغيبة حرام باتفاق الفقهاء. وذهب بعض المفسرين والفقهاء إلى أنها من الكبائر بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك. قال القرطبي: لا خلاف أن الغيبة من الكبائر، وأن من اغتاب أحدا عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، واستدلوا بقوله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، وبقوله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق.

وقد نصوا على أن الغيبة لا تكون إلا على شخص أو أناس معلومين أو مبهمين يعلم المخاطب أعيانهم فيحصل بذلك انتهاك أعراضهم، قال القرافي: حرمت أي الغيبة لما فيها من مفسدة إفساد الأعراض. وانظر الفتوى رقم: 18728.

ويناء عليه فانه لا حرج في ذكر حكايات لمن لا يعرفهم الناس المعاصرون بأعيانهم.

وأما جحا فقد ذكر أمره في بعض كتب العلماء ولكنه لم يثبت ما يفيد أنه شخص معروف، فقد ذكر بعضهم أنه دجين بن ثابت اليربوعي أبو الغصن البصري ولكن ضعف ذلك المحققون.

قال ابن حجر في تعجيل المنفعة: دجين بن ثابت اليربوعي أبو الغصن البصري عن أسلم مولى عمر وهشام بن عروة وعنه ابن المبارك ووكيع وأبو عمر الحوضي ومسلم بن إبراهيم وجماعة وهاه ابن معين وقال النسائي ليس بثقة وقال ابن حبان كان قليل الحديث منكر الرواية على قلته يقلب الأخبار ولم يكن الحديث شأنه وهو الذي يتوهم أحداث أصحابنا أنه جحا وليس كذلك قلت ابن عدي روى لنا عن يحيى بن معين انه قال الدجين هو جحا ولم يصح عنه وضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدارقطني وغيرهم. اهـ

وقال الذهبي في السير: أبو الغصن هو الشيخ العالم الصادق المعمر بقية المشيخة أبو الغصن ثابت ابن قيس الغفاري مولاهم المدني عداده في صغار التابعين، يروي عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب ونافع بن جبير وخارجة بن زيد الفقيه وأبي سعيد كيسان المقبري والقدماء ورأى جابر بن عبد الله فيما اعترف به أبو حاتم.

حدث عنه معن بن عيسى وعبد الرحمن بن مهدي وبشر بن عمر الزهراني والقعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وجماعة وأخطأ من زعم أنه جحا صاحب تيك النوادر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني