الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرورة التنزه عن سلاطة اللسان وحب الانتقام والسب

السؤال

أمي امرأة كريمة وحساسة في طبعها وتعطف وتحن على أفراد أسرتها في العديد من المرّات وتخدمهم وتعامل هكذا الأجانب أيضا غير أنه بتقدير أكثر -والله لا أعلم، هل اتقاء لشرهم لأنها تخاف انتقامهم المباشر غير اأنها على النقيض من أسرتها التي تعاملها بعناية وحساب للعواقب إذا ما صدر منها تصرف غير لائق تجاه أفراد الأسرة كلهم أو أحدهم - وهي للأسف موسوسة تخاف عدوى الأمراض وتقوم ببعض التصرفات التنظيفية المبالغ فيها مرارا وهي سليطة اللسان وتحب الانتقام لنفسها وخاصة من ولديها الاثنين وزوجها عبر السب والتجريح، فهي مثلا تملي علي شروط نظافة الموسوسين وتطلب مني القيام بها وإن رفضتُ تقول لي بالحرف : أنت ولد الحرام تعق أمك، الله يسخط عليك، أنت حرامي وعندما -سبحان الله- أبتعد عنها وأسافر لأدرس في مدينة أخرى تخاطبي في التلفون وتقول لي أنت رضيّ أمك وتبادلني كلام حنان الأم الراضية عن ولدلها بعد أن ألين لها الكلام ويحصل هذا كذلك في البيت الأسري في العديد من المرّات وأنا حريص أن أكون بارّا بوالدي امتثالا لأمر الله تعالى . ويوما، وبعد غياب بلغ 15 يوما بسبب ذهابي للدراسة في مدينة أخرى، دخلت البيت وخلعت حذائي لألبس صندلا مصنوعا من البلاستيك لأخي ذي الأظافر المصابة بمرض فطري، علما بأنني لبسته مرارا وتكرارا من دون أن أعدى بهذا الفطر، وعند رؤية أمّي لي وأنا ألبس صندل أخي جاءتني مسرعة وقالت لي اغسل رجليك فقلت لها يا أمي هذا الوسواس الذي يعود من جديد، وتجدر الإشارة إلى أنني عانيت من هذا الوسواس في الماضي ويحاول الشيطان ، نعوذ بالله منه، أن ينكد علي حياتي ويعيدني إلى ما كنت عليه من وسوسة في الصلاة وفي الوضوء وفي اللباس... وتوضيحا لحالتي أيها الفضلاء ففي المدينة التي أدرس فيها أكتري بيتا على حساب والدي وخاصة أمي التي تنفق عليّ الكثير من مالها وسبحان الله هي على عكس من أبي الذي لا يجزل في العطاء إلاّ أنه مؤدب وحواري وغير جارح في كلامه كأمي. ومن أجل استجلاء للوضع أكثر، أخبركم أن عمري يناهز 27 سنة غير متزوج لأنني لازلت أدرس وأمي تقارب 54 سنة وأن أخي ذي الثلاثين من عمره تقريبا يظهر أيضا علامات الوسوسة في الصلاة والوضوء -وكذا في اللباس ولكن بمقاييس أدنى- والشخص الوحيد الذي يعجبني لكونه سلم من هذه التصرفات والأفكار هو أبي النّصوح غير المكترث ذي الطبع الهادئ. والله يا فضلاء، رغم التعب- بسبب كوني أعيش وحدي بغية التفرغ للدراسة في مدينة بعيدة عن تلك التي توجد فيها أسرتي-أكون بعيدا عن أجواء أسرتي التي تتلوث بالوسواس جرّاء أفعال أمي أو أخي الأكبر ، أعيش في كرامة نفس ولا تتعرّض شخصيتي لتهكم متقطع يعود بشكل دوري وأحس برجولة وحرية أكثر وأستطيع بالتالي المشاركة في الحياة كمسلم أكثر قوة وإيجابية واتزانا.
ما رأي فضيلتكم في ما عرضت على أنظاركم وما هو الحل بخصوص أمي والعيش في البيت الأسري بطريقة يرضاها الله وخالية من أي وسوسة شيطانية؟
وجزاكم الله عن عملكم هذا العيش في الجنة بجانب رسول الرحمن، آمين، آمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا من قبل كيف يمكن للإنسان أن يتغلب على الوساوس، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 51239، وفتوانا رقم: 3086.

وما ذكرته عن أمك من سلاطة اللسان وحب الانتقام، والسب والتجريح لزوجها وولديها، هي أخطاء كبيرة. فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم وغيره.

وإذا كانت هذه الأمور في الأصل محرمة ولو في غير حق الزوج، فكيف إذا انضم إلى ذلك كونها في حق الزوج الذي أمر الله جل وعلا بمزيد طاعته وإجلاله!

فحاول نصح أمك برفق ولين، ولا تخض معها في الأمور التي عرفت أنها يمكن أن تجلب انزعاجها، وحاول –ما استطعت- تنفيذ أوامرها وتلبية رغبتها التي لا تدعو إلى الوسواس أو التنطع.

والله نسأل أن يعيننا وإياك على البر والطاعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني