الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحاسد بين الإعذار والإنذار

السؤال

مشكلتي هي الحسد وأنا أعلم تمام العلم قول الله سبحانه وتعالى ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) ولكني لم أتغير من الداخل والمشكلة لدي غريبة فأنا لا أحسد من هم أعلى مني ولا أتمنى أن أكون مثلهم لكني أتضايق إذا تحسن وضع أي شخص وفي أي مجال حتى لو كان هذا الشخص أقل وضعا مني فمثلا لدي صديق وضعه أقل من وضعي وفقه الله ببيت جديد ومع أن بيته الجديد أقل من بيتي فقد تضايقت لأن حاله تحسن وإذا غير جهازه الخلوي إلى جهاز أفضل مع أنه أرخص من جهازي الخلوي فأنا أتضايق فأنا أتمنى داخليا زوال النعمة عنه لكن دون دعاء عليه أو سعي لضرره - أرجو مساعدتي ومن هذه المساعدة سرعة الرد - ماذا أفعل لأتغير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحسد له أضرار بالغة على صاحبه، وقد نهى عنه الشرع الحنيف. روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا... وقال الحسن رحمه الله: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد نفس دائم، وحزن لازم، وعبرة لا تنفد. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا تعادوا نعم الله، قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.

وللتعريف بالحسد، وكيفية المخرج منه ننقل لك ما أورده ابن حجر العسقلاني في الفتح، حيث قال: قوله: ولا تحاسدوا... الحسد تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها أعم من أن يسعى في ذلك أو لا، فإن سعى كان باغيا. وإن لم يسع في ذلك ولا أظهره ولا تسبب في تأكيد أسباب الكراهة التي نهى المسلم عنها في حق المسلم نظر، فإن كان المانع له من ذلك العجز بحيث لو تمكن لفعل فهذا مأزور. وإن كان المانع له من ذلك التقوى فقد يعذر؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية فيكفيه في مجاهدتها أن لا يعمل بها ولا يعزم على العمل بها. وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية رفعه: ثلاث لا يسلم منها أحد؛ الطيرة، والظن، والحسد. قيل فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ. وعن الحسن البصري قال: ما من آدمي إلا وفيه الحسد، فمن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه منه شيء. اهـ.

فعليك -أيها الأخ الكريم- بالدعاء في أوقات الاستجابة لصرف هذا الداء عنك، ويحسن أن تترك التفكير فيما عند الآخرين؛ لأن ذلك يؤدي غالبا إلى الحسد.

ونسأل الله أن يبعد عنا وعنك هذا المرض الخطير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني