الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن إلى اخيك ووقره مكافأة على إحسانه إليك

السؤال

حدث خلاف بيني وبين أخي حول عدة نقاط، وأرجو منكم القضاء بيننا بما تمليه علينا شريعتنا الغرُاء: أخي الأكبر يخلط -للأسف- بين ما هو واجب، وبين ما هو مطلوب أو مرغوب، بمعنى أن عليه ديونًا للناس، وهو ميسور الحال، لكنه يؤخر قضاء هذه الديون، وبالمقابل فهو ينفق من ماله على ما يؤجر عليه، ولكن لا يعاقب بتركه، علمًا أنني حاولت أن أبين ذلك مرارًا بطرق لطيفة، لكنه لم يفهم، وهو -أيضاً- لا يحترم أوقات سداد الدين، فمثلاً: أقرضته الشهر الماضي مالاً على أن يرده في أجل مسمى، ولما انقضى الأجل، طالبته به، فإذا هو يرعد ويزبد، وأسمعني ما أكره، وأخذ يتفضُل عليُ، والسبب في ذلك: كيف لي أن أحاسبه على مال أعطيته إيُاه؟ والأكثر من ذلك أنه قاطعني، فابتدرته على الفور، وذكرته بالله، وأن ذلك من نزغ الشيطان، وتركت باب الحوار مفتوحًا، ولكنه أغلقه واعتزلني، فاعتزلته اتقاءً لمزيد من المشاكل. فهل أنا آثم؟ علمًا بأنه لما كنت في فترة الدراسة كان يمدني ببعض المبالغ المالية للاستعانة بها، وأنا أشكر له صنيعه هذا، وأدعو الله أن يجعله في ميزان حسناته، وأن يجعله كريمًا في الآخرة كما هو في الدنيا.
اليوم أصبحت كافلاً لنفسي -بفضل من الله-، فهل يجب علي شرعًا أن أرجع هذا المال لأخي؟ علمًا بأنا لم نتفق منذ البداية على أنٌ هذا المال دين لأجل مسمٌى، بمعنى أنه لم يطالبني بإرجاعه يوم أعطاني إياه، ولكنه طالبني به اليوم، أشكركم مسبقًا على الرد، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وجعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يحق للمدين أن ينفق في غير الواجب إذا كان ذلك سيؤثر على قضاء ديونه، لما في حديث الصحيحين: مطل الغني ظلم. كما لا يحق له أن يؤذي غريمه بالقول أو الفعل، ولكنا ننصحك في تعاملك مع أخيك الأكبر بأن تبره وتحرص على توقيره والإحسان إليه، ومكافأة سابق إحسانه لك، وأن تتواضع له، وترفض القطيعة ولو كان هو يرغبها، فإنك بذلك تكسب معية الله تعالى وتربح ثوابه، وسيجر ذلك التعامل الحسن أخاك إلى الحياء منك ومعاملتك بالمثل، وتذكر قول الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}.

وتذكر ما في حديث مسلم أن رجلا قال: يا رسول الله! أن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وفي حديث البخاري: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

وفي صحيح مسلم: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

وفي حديث الترمذي: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا. وراجع الفتاوى ذات التالية: 17043، 37424، 65231، 75903، 12167، 56749، 73064، 72850، 44020، 31315، 97146.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني