الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنهج العاطفي في الدعوة

المنهج العاطفي في الدعوة

المنهج العاطفي في الدعوة

تعتمد منافذ التأثير والمداخل إلى المدعوين أو الطائفة المستهدفة للتأثير على ثلاثة أشياء رئيسة: وهي القلب والعقل والحس.. وتبعا لذلك انقسمت مناهج التأثير إلى ثلاثة مناهج هي: المنهج العاطفي، والمنهج العقلي، والمنهج الحسي.

وسوف نتناول في هذه المقالة المنهج العاطفي بشيء من التفصيل، لبيان مفهومه، وأهم أساليبه، والمواطن التي يستعمل فيها، وأهم خصائصه.

تعريفه:
المنهج العاطفي: هو "النظام الدعوي الذي يرتكز على العاطفة "القلب" في التأثير، ويحرك الشعور والوجدان".

أبرز أساليبه:
من أبرز أساليب المنهج العاطفي:
1ـ أسلوب الموعظة الحسنة:
وأكثر ما يكون استخدامها في الخطابة، والتذكير بالنعم، والمدح أو الذم، والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، واستعمال القصص.. وغيرها.
وقد نص ربنا سبحانه في كتابه على هذا الأسلوب بقوله سبحانه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}.

2 ـ إظهار الرأفة والرحمة بالمدعو:
وهذا لجذب القلوب إلى الداعي، ولبيان مدى شقفة الداعي على المدعو وخوفه عليه، وأنه إنما يريد له النصح والخير. وهو أسلوب عام وطريقة محببة في الدعوة، كما في دعوة الأقارب، والآباء والأبناء.

وقد ورد هذا الاسلوب في القرآن كثيرا جدا، كقول إبراهيم عليه السلام لأبيه: "يا أبت، يا أبت"، وكقول لقمان لابنه وهو يعظه: "يابني، يابني"، وكذلك نوح وهو ينادي على ابنه أثناء الطوفان: {يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}، ومناداة الأنبياء لأقوامهم بـ "يا قوم، يا قوم".

وفي هذه الألفاظ بيان العلاقة بين الداعي والمدعو والتركيز عليها بوضوح لبيان المحبة والشفقة وإرادة النصح: كقول النبي صلى الله عليه وسلم لقومه: "إن الرائد لا يكذب أهله"، وقوله: "ما تركت من خير إلا وأمرتكم به،... الحديث".

ويدخل في هذا أيضا دعاء الله للمؤمنين بهذا الوصف الطيب الكريم وصف الإيمان {يأيها الذين آمنوا} في كثير من الآيات خصوصا التكاليف؛ ليقبل بقلوبهم عليه، وليكون أدعى للقبول وأرجى للعلم.

3 ـ المشاركة الوجدانية والفعلية:
وذلك بقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وتقديم المساعدات، والوقوف مع المدعوين في وقت الأزمات، وعند المهمات والملمات، فإن هذا من أعظم ما يميل بقلوبهم إلي الدعاة. وانظر إلى وصف خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق]. ووصف الصحابة له: [إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فينطلق معها حتى يقضي لها حاجتها]، وخدمة أبي بكر للعجوز العمياء، وقصة عمر مع الأسرة الفقيرة في الليلة الظلماء، ومساعدة المسلمين وحملهم الطعام إلى المحتاجين والفقراء.

ويدخل في ذلك صلة الأرحام، وحسن الجوار، والتزاور في الله، والإهداء، والهبة، وكل صور الإحسان، وكل ما يميل القلوب إلى الداعية من عمل طيب وفعل جميل.

مواطن الاستعمال:
ـ عند دعوة الجاهل: لأنه أحوج إلى من يرفق به، ويعلمه ويرغبه؛ وتعليمه ما يفيده عن طريق ترغيبه بالعلم، ووعده بالخير الكبير من ورائه.
ـ دعوة من تجهل حاله: حتى تستثير كوامنه وتعرف حاله، ثم تستعمل معه الأسلوب المناسب.
ـ أصحاب القلوب الضعيفة: أو السريعة التأثر، كالضعفاء، والمساكين، والمرضى، والنساء.
ـ حال ضعف الدعوة: لتحريك المشاعر، واستمالة القلوب، فيكون المتابعة والإيمان، أوتخفيف وطأة المعادين والتخفيف من بطشهم بالدعوة والدعاة.

من خصائص المنهج العاطفي:
. لطف الأسلوب، وعباراته مؤثرة.
. سرعة تأثر المدعوين به، واستجابتهم له.
. سرعة التحول؛ نظرا لسرعة تحول العواطف وتأثرها بغيره كما تأثرت به.
. سعة دائرة الاستعمال، لأن له تأثيرا على جميع الشرائح، وهو طبع متاح لكل الناس.
. تخفيف وطأة المخالف ودفع أذاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يراجع: "المدخل إلى علم الدعوة"

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة