الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              133- فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

              قال الشيخ رحمه الله : ومن ناسكات الأصفياء ، وصفيات الأتقياء فاطمة رضي الله تعالى عنها . السيدة البتول ، البضعة الشبيهة بالرسول ، ألوط أولاده بقلبه لصوقا ، وأولهم بعد وفاته به لحوقا ، كانت عن الدنيا ومتعتها عازفة ، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة .

              وقد قيل : إن التصوف الثبات في الوفاق ، والبتات للحاق .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا أبو عوانة ، عن فراس بن يحيى ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ما تغادر منا واحدة ، [ ص: 40 ] إذ جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فلما رآها قال : " مرحبا بابنتي " فأقعدها عن يمينه أو عن يساره ثم سارها بشيء فبكت ، فقلت لها أنا من بين نسائه : خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيننا بالسرار وأنت تبكين ، ثم سارها بشيء فضحكت ، قالت : فقلت لها : أقسمت عليك بحقي - أو بما لي عليك من الحق - لما أخبرتيني ، قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره ، قالت : فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم سألتها ، فقالت : أما الآن فنعم ، أما بكائي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : " إن جبريل عليه السلام كان يعرض علي القرآن كل عام مرة فعرض العام مرتين ولا أرى إلا أجلي قد اقترب " ، فبكيت . فقال لي : " اتق الله واصبري فإني أنا نعم السلف لك " ، ثم قال : "يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين - أو نساء هذه الأمة - ؟ فضحكت " . رواه جابر الجعفي ، عن الشعبي مثله ، ورواه جابر ، عن أبي الطفيل ، عن عائشة نحوه ، ورواه عروة بن الزبير ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، ويحيى بن عباد ، عن عائشة نحوه ، وروته فاطمة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة ، عن عائشة نحوه .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أحمد بن يونس ، ثنا الليث بن سعد أنه سمع ابن أبي مليكة ، يقول : إنه سمع المسور بن مخرمة ، يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها " . رواه عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور ، ورواه أيوب السختياني ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن الزبير نحوه .

              حدثنا فاروق الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا سليمان بن داود ، ثنا عباد بن العوام ، ثنا هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله تعالى عنها : " أنت أول أهلي لحوقا بي " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية