الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما حديث أنس بن مالك فهو الحديث العظيم الشأن الذي هو قرة لعيون أهل الإيمان وشجى في حلوق أهل التعطيل والبهتان ، رواه الشافعي في مسنده مجملا به كتابه راجيا بروايته وتبليغه عن الرسول من الله ثوابه ، ورواه أئمة السنة له مقرين ، وعلى من أنكره منكرين .

قال عثمان بن سعيد : حدثنا هشام بن خالد الدمشقي وكان ثقة حدثنا محمد بن شعيب بن شابور ، أخبرنا عمر بن عبد الله مولى عفرة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جاءني جبرائيل وفي كفه مرآة فيها نكتة سوداء ، فقلت ما هذه يا جبرائيل ؟ قال هذه الجمعة أرسل بها إليك ربك فتكون هدى لك ولأمتك من بعدك ، فقلت وما لنا فيها ؟ قال لكم فيها خير كثير أنتم الأولون والآخرون السابقون يوم القيامة وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله خيرا هو له قسم إلا آتاه الله إياه ، ولا خيرا له لم يقسم إلا ادخر له أفضل منه ، ولا يستعذ بالله من شر ما هو مكتوب عليه إلا رفع عنه أكبر منه ، قلت ما هذه النكتة السوداء ؟ قال هذه الساعة يوم تقوم فيها القيامة وهو سيد الأيام ، ونحن نسميه عندنا يوم المزيد ، قلت : ولم تسمونه يوم المزيد يا جبرائيل ؟ قال : إن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة هبط الجبار جل جلاله عن عرشه إلى كرسيه إلى ذلك الوادي ، وقد حف الكرسي بمنابر من نور يجلس عليها الصديقون والشهداء ، ثم يجيء أهل الغرف حتى يحفوا بالكثيب ، ثم يتبدى لهم ذو الجلال والإكرام فيقول : أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي ، وأحللتكم دار كرامتي فسلوني ، فيقولون بأجمعهم : نسألك الرضى عنا ، فيشهد لهم على الرضى ، ثم يقول لهم سلوني ، فيسألونه حتى تنتهي تهمة كل عبد منهم ، ثم يقول سلوني ، فيقولون حسبنا ربنا رضينا ، [ ص: 458 ] فيرجع الجبار تعالى إلى عرشه فيفتح لهم بعد انصرافهم من يوم الجمعة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فيرجع أهل الغرف إلى غرفهم ، وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء وياقوتة حمراء وزمردة خضراء ليس فيها فصم ولا قصم ، مطردة فيها أنهارها متدلية فيها أثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ومساكنها فليسوا إلى يوم أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا تفضلا من ربهم ورضوانا .

ورواه عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن ليث عن عثمان بن عمير عن أنس ، ورواه ابن أبي حاتم ، حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبو اليمان عن شريك عن عثمان به ، ورواه مكي بن إبراهيم عن موسى بن عبيدة عن أبي الأزهر عن عثمان فذكره ، ورواه أبو زرعة شيبان بن فروخ ، حدثنا الصعق بن حزن ، حدثنا علي بن الحكيم عن أنس ، ورواه الحكم بن أسلم عن الصعق عن علي بن الحكم عن عبد الملك بن عمير ، ورواه الحسن بن سفيان في مسنده ، حدثنا شيبان بن أبي شيبة ، حدثنا الصعق بن حزن ، حدثنا علي بن الحكم ، ورواه أسعد بن موسى حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أنس ، رواه الشافعي في مسنده عن إبراهيم بن محمد ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر عن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك فذكر نحوه ، وقال في أخرى : وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة ، وقد جمع أبو داود طرق هذا الحديث .

وقد روى من حديث حذيفة بن اليمان قال ابن منده أخبرنا أبو عمر بن حكيم حدثنا يزيد بن جهور ، حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير ، حدثنا أبي عن القاسم بن مطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله ، ورواه أبو نعيم وأبو النضر وجماعة قالوا حدثنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : سارعوا إلى الجمعة فإن الله ينزل لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب على قدر تسارعهم إلى الجمعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية