الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
. ثم ذكر ما ألحق بالطعام في حكمه بقوله ( و ) لا يطهر ( فخار ) تنجس ( بغواص ) أي كثير الغوص أي النفوذ في أجزاء الإناء كخمر وبول وماء متنجس مكث في الإناء مدة يظن أنها قد سرت في جميع أجزائه لا بغير غواص ولا إن لم يمكث بأن أزيل في الحال فإنه يطهر وخرج بالفخار النحاس ونحوه الزجاج والمدهون المانع دهانه الغوص كالصيني والمزفت لا إن لم يمنع كالمدهون بالخضرة أو الصفرة كأواني مصر فإنه لا يطهر إن طال إقامة الغواص فيه ( وينتفع ) جوازا ( بمتنجس ) من الطعام والشراب واللباس كزيت ولبن وخل ونبيذ ( لا نجس ) فلا ينتفع به إلا جلد الميتة المدبوغ على ما مر أو ميتة تطرح لكلاب أو شحم ميتة لدهن عجلة ونحوها أو عظم ميتة لوقود على طوب أو حجارة أو دعت ضرورة كإساغة غصة بخمر عند عدم غيره وكأكل ميتة لمضطر أو جعل عذرة [ ص: 61 ] بماء لسقي الزرع فيجوز ( في غير مسجد ) لا فيه فلا يوقد بزيت تنجس إلا إذا كان المصباح خارجه والضوء فيه فيجوز ولا يبنى بالمتنجس فإن بني به ليس بطاهر ولا يهدم ( و ) في غير ( آدمي ) فلا يأكله ولا يشربه ولا يدهن به إلا أن الادهان به مكروه على الراجح إن علم أن عنده ما يزيل به النجاسة ومراده بغيرهما أن يستصبح بالزيت المتنجس ويعمل به صابون ثم تغسل الثياب بالمطلق بعد الغسل به ويدهن به حبل وعجلة وساقية ويسقى به ويطعم للدواب

التالي السابق


( قوله : وفخار بغواص ) قال بن أطلق في الفخار والظاهر أن الفخار البالي إذ حلت فيه نجاسة غواصة يقبل التطهير كما في نوازل العلامة سيدي عبد القادر الفاسي فيحمل كلام المصنف على فخار لم يستعمل قبل حلول الغواص فيه أو استعمل قليلا انتهى كلامه وهو أولى مما في حاشية شيخنا حيث قال وفخار بغواص ، ولو بعد الاستعمال ; لأن الفخار يقبل الغوص دائما كما في كبير خش نقلا عن اللقاني ا هـ ثم إن عدم قبول الإناء للتطهير إنما هو باعتبار أنه لا يصلى به مثلا ، وأما الطعام يوضع فيه بعد غسله أو الماء فإنه لا ينجس به ; لأنه لم يبق فيه أجزاء للنجاسة كما قاله أبو علي المسناوي ا هـ بن .

واعلم أن مثل الفخار أواني الخشب الذي يمكن سريان النجاسة إلى داخله وليس مثل الفخار بغواص الحديد أو النحاس يحمى ويطفأ في النجاسة لدفعه بالحرارة والقوة قاله في المج ( قوله : كخمر ) أي والحال أنه لم يتحجر في الإناء أما لو تحجر في الفخار كان الوعاء طاهرا تبعا للخمر ; لأن الظرف تابع للمظروف ( قوله : إنها قد سرت في جميع أجزائه ) ليس هذا شرطا بل لو سرت في البعض فالحكم كذلك قاله شيخنا ( قوله : لا بغير غواص ) أي كالعذرة واللحم النجس ( قوله : كأواني مصر ) أي لأن أواني مصر المدهونة تشرب قطعا فهي داخلة في الفخار ( تنبيه ) ما صبغ بصبغ نجس يقبل التطهير بأن يغسل حتى يزول طعمه فمتى زال طعمه فقد طهر ، ولو بقي شيء من لونه وريحه بدليل قوله لا لون وريح عسرا ( قوله : وينتفع بمتنجس ) ظاهر كلامه يشمل الانتفاع بالبيع وجوازه وهو قول ابن وهب إذا بين ذلك ولكن المشهور أن المتنجس الذي يقبل التطهير كالثوب المتنجس يجوز بيعه وما لا يقبله كالزيت المتنجس لا يجوز بيعه ا هـ بن ( قوله : بمتنجس ) أي وهو ما كان طاهرا في الأصل وأصابته نجاسة ( قوله : لا نجس ) وهو ما كانت ذاته نجسة كالبول والعذرة ونحوهما ( قوله : على ما مر ) أي من كونه ينتفع به بعد الدبغ في اليابسات والماء ( قوله : أو ميتة ) هو بالنصب عطف على " جلد " ولا شك أن طرح الميتة لكلابك فيه انتفاع لك لتوفير ما كانت تأكله الكلاب من عندك ( قوله : لدهن عجلة ) أي ، ولو قيدا إذا كان يتحفظ منه كما ذكره شيخنا ( قوله : أو حجارة ) أي لتصير جيرا ( قوله : وكأكل ميتة لمضطر ) في المج أنه إذا جبر الكسر الحاصل للشخص بكعظم ميتة فإنه يعفى عنه بعدم الالتحام ولا يجوز التداوي بالخمر ، ولو تعين وفي التداوي بغيره من النجاسات إذا تعين خلاف وأجازوه للغصة كما قال [ ص: 61 ] الشارح لا لعطش ; لأنه يزيده ( قوله : بماء ) أي في ماء معد لسقي الزرع وهذا من المتنجس لا من النجس فلا حاجة لاستثنائه ( قوله : في غير إلخ ) متعلق بينتفع ( قوله : فإن بنى إلخ ) ، وأما لو كتب المصحف بنجس أو متنجس فإنه يبل خلافا لبعضهم ( قوله : وفي غير آدمي ) أي وفي غير أكل آدمي فلا يجوز للآدمي أكله ، ولو غير مكلف والخطاب لوليه ومثل الأكل الشرب ، وإنما قدرنا ذلك ; لأنه لا يصح نفي كل منافع الآدمي لجواز استصباحه بالزيت المتنجس وعمله صابونا وعلفه الطعام المتنجس للدواب وإطعامه العسل للنحل ولبسه الثوب المتنجس في غير المسجد وغير الصلاة وهو من منافعه ( قوله : على الراجح ) وقيل : إن الطلاء بالنجاسة حرام والخلاف في الطلاء بالنجاسة غير الخمر أما هو فالطلاء به حرام اتفاقا ( قوله : ومراده ) أي المصنف بغيرهما أي بغير المسجد وأكل الآدمي ( قوله : ويسقى به ) أي الزرع




الخدمات العلمية