الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 423 ] مسألة : السواك مستحب ، ولو أمكن لكل صلاة لكان أفضل ، ونتف الإبط والختان وحلق العانة وقص الأظفار ، وأما قص الشارب ففرض ولا يحل للمرأة نتف الشعر من وجهها ، ويستحب للجنب إن أراد الأكل أو النوم أو الشرب أن يتوضأ ، وليس فرضا عليه ، وإن أراد المعاودة فيجب عليه أن يتوضأ أيضا ، وإن وطئ زوجتين له أو زوجات أو إماء وزوجات فيغتسل بين كل اثنتين فحسن ، وإن لم يغتسل إلا في آخر ذلك فحسن .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك ما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان والاستحداد وتقليم الأظفار ونتف الإبط وقص الشارب } .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى مسلم : ثنا قتيبة بن سعيد وعمرو الناقد ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة } قال علي : فإذ لم يأمرهم فليس فرضا .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى مسلم بن الحجاج . ثنا يحيى بن يحيى وقتيبة كلاهما عن جعفر بن سليمان الضبعي [ ص: 424 ] عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال : { وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا تترك أكثر من أربعين ليلة } .

                                                                                                                                                                                          وأما فرض قص الشارب وإعفاء اللحية فإن عبد الله بن يوسف ثنا قال ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا سهل بن عثمان ثنا يزيد بن زريع عن عمر بن محمد ثنا نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا يونس بن عبد الله ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا محمد بن عجلان قال : قال لي عثمان بن عبيد الله بن رافع رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيضون شواربهم شبه الحلق ، قلت : من ؟ قال جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا أسيد وسلمة بن الأكوع وأنس بن مالك ورافع بن خديج .

                                                                                                                                                                                          حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا يونس بن عبد الله ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا سويد بن نصر أرنا عبد الله هو ابن المبارك - عن يونس هو ابن يزيد - عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ ، وإن أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم يأكل أو يشرب } .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فقد صح أن { عمر ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ واغسل ذكرك ثم نم } .

                                                                                                                                                                                          قلنا فحدثنا محمد بن سعيد بن نبات قال : ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب كهيئته ولا يمس ماء } . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                                          وحدثنا يونس بن عبد الله ثنا أبو عيسى بن أبي عيسى ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي - عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من المسجد صلى ما قضى الله له ، ثم مال إلى فراشه أو إلى أهله فإن كانت له حاجة إلى أهله قضاها ثم نام كهيئته لا يمس ماء ، فإذا سمع النداء وثب فإن كان جنبا أفاض عليه الماء ، وإن لم يكن جنبا توضأ وصلى ركعتين ثم خرج إلى المسجد } .

                                                                                                                                                                                          فهذا عموم يدخل فيه الوضوء والغسل معا وغير ذلك ، ومن ادعى أن سفيان أخطأ في هذا الحديث فهو المخطئ ، بدعواه ما لا دليل عليه .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : قد خالفه زهير بن معاوية . قلنا : سفيان أحفظ من زهير ، ولو لم يكن لما كان في خلاف بعض الرواة لبعض دليل على خطأ أحدهم ، بل الثقة مصدق في كل ما يروي . وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وقول عائشة هذا إخبار عن مداومته عليه السلام على ذلك ، وممن روينا عنه إباحة النوم للمجامع قبل أن يتوضأ : سعيد بن المسيب وربيعة ويزيد بن هارون الشافعي وأبو ثور .

                                                                                                                                                                                          حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون وهشيم وحفص بن غياث .

                                                                                                                                                                                          قال يزيد عن حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة واحدة فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا } .

                                                                                                                                                                                          وقال هشيم : ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه في ليلة بغسل واحد } وقال حفص بن غياث عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية