الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويرفع ) المؤذن ولو منفردا ( صوته ) بالأذان ما استطاع ندبا للخبر الصحيح { إذا كنت في غنمك ، أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة } ( إلا بمسجد ) ، أو غيره ( وقعت فيه جماعة ) [ ص: 464 ] أو صلوا فرادى وانصرفوا فلا يندب فيه الرفع ، بل يندب عدمه لئلا يوهمهم دخول وقت صلاة أخرى ، أو يشككهم في وقت الأولى لا سيما في الغيم فيحضرون مرة ثانية وفيه مشقة شديدة وبه اندفع ما قيل لا حاجة لاشتراط وقوع الجماعة للإيهام على أهل البلد أيضا وذلك ؛ لأن إيهامهم أخف مشقة إذ يفرض توهمهم لا يحصل منهم الحضور إلا مرة ( تنبيه )

                                                                                                                              إنما يتجه التقييد بالانصراف فيما إذا اتحد محل الجماعة بخلاف ما إذا تعدد ؛ لأن الرفع في أحدها يضر المنصرفين من البقية بعود كل لما صلى به ، أو لغيره فيتجه حينئذ ندب عدم الرفع وإن لم ينصرفوا وقضية المتن ندب الأذان مع الرفع للجماعة الثاني وإن كرهت ونوزع فيه بأنه ينبغي كراهته ؛ لأنه وسيلة ويرد بأن كراهتها لأمر خارج لا يقتضي كراهة وسيلتها كما هو ظاهر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا بمسجد إلخ ) عبارة الروض لا في مسجد أذن أو أقيمت [ ص: 464 ] جماعة وشرحه شارحه هكذا إلا إن صلى في مسجد أذن وصلي فيه ولو فرادى ، أو في مسجد أذن وأقيمت فيه جماعة ا هـ باختصار فمجرد الأذان لا يمنع رفع الصوت ( قوله : وانصرفوا ) قال في شرح الروض ، والتقييد بانصرافهم يقتضي سن الرفع قبله لعدم خفاء الحال عليهم قال في المهمات وفيه نظر ؛ لأنه يوهم غيرهم من أهل البلد وكان المصنف يعني صاحب الروض حذف التقييد المذكور لهذا النظر قال الإسنوي وإنما قيدوا بوقوع جماعة ؛ لأنه لا يسن له الأذان قبله ؛ لأنه مدعو بالأول ولم ينته حكمه ا هـ

                                                                                                                              وقد يقال ذكر الانصراف في كلام الشيخين مثال لا قيد فعدم الانصراف كذلك ؛ لأنه إن أذن في الحال أوهمهم برفع صوته أن أذانهم قبل الوقت وإلا أوهمهم به دخول الوقت ا هـ واعتمده م ر ويمكن أن يجاب بأنه مع عدم الانصراف لا اعتبار بهذا الإيهام بتقدير حصوله لاندفاعه بسهولة تعرف الحال نعم إن أريد إقامة الجماعة الثانية بمحل آخر اتجه عدم التقييد بانصراف الأولين فليتأمل وقولهالإسنوي ؛ لأنه لا يسن له إلخ ظاهره وإن أراد الصلاة وحده قبلهم فليراجع ( قوله : لئلا يوهمهم إلخ ) هذا المعنى موجود فيما إذا وقع الرفع بغير محل الجماعة

                                                                                                                              ( قوله : يضر المنصرفين ) لا يقال هذا لا يناسب ، بل المناسب يضر أيضا غير المنصرفين إلى آخر ما يناسب ذلك ؛ لأن المقصود تعليل عدم اتجاه هذا القيد عند التعدد ؛ لأنا نقول المقصود تعليل عدم اتجاهه بالنسبة لمحل الرفع لا للبقية فليتأمل ( قوله : من البقية ) أي : ما عدا المرفوع فيه من محال الجماعة ( قوله : وإن لم ينصرفوا ) أي : من محل الرفع ( قوله : بأن كراهتها لأمر خارج ) فيه نظر ، والتفصيل بين الخارج وغيره إنما يؤثر في الصحة وعدمها



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : المؤذن ولو منفردا ) لا يناسبه قوله الآتي وقضية المتن إلخ ، ثم رأيت ما يأتي عن السيد البصري عبارة النهاية ، والمغني ، والمنفرد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ما استطاع إلخ ) عبارة النهاية فوق ما يسمع نفسه ومن يؤذن لجماعة فوق ما يسمع واحدا منهم ويبالغ كل منهما في الجهر ما لم يجهد نفسه ا هـ قال ع ش أي فيحصل أصل السنة بمجرد الرفع فوق ما يسمع نفسه أو أحدا من المصلين وكمال السنة بالرفع طاقته بلا مشقة ومع ذلك لو لم يسمع من البلد الأجانب لم يسقط الطلب عن غيرهم كما مر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : { ، أو باديتك } ) أو للتنويع و ( قوله : { فأذنت } ) أي أردت الأذان و ( قوله : { مدى صوت } إلخ ) المراد بالمدى بفتح الميم هنا جميع الصوت من أوله إلى آخره وقول الشوبري أي و ع ش أي غاية بعده لعل المراد به المعنى اللغوي ؛ لأنه يقتضي أن لا يشهد إلا من سمع غايته بخلاف من سمع أوله وليس مراد شيخنا ا هـ بجيرمي

                                                                                                                              ( قوله : ولا إنس ) ظاهره ولو كان كافرا ولا مانع منه ع ش ( قوله : { ولا شيء } ) يحتمل أن المراد غير الإنس ، والجن مما يصح إضافة السمع إليه ويحتمل أن يراد به الأعم ويشهد له رواية { ولا حجر ولا شجر } قاله الحاوي في شرح مسند الشافعي شوبري ا هـ بجيرمي ( قوله : { إلا شهد له } إلخ ) أي : وشهادتهم سبب لقربه من الله تعالى ؛ لأنه يقبل شهادتهم بالقيام بشعائر الدين فيجازيه على ذلك وهذا الثواب العظيم إنما يحصل للمؤذن احتسابا المداوم عليه وإن كان غيره له أصل الثواب ع ش أي إذا لم يقصد الثواب الدنيوي فقط قول المتن ( إلا بمسجد إلخ ) أي : كالبيت فيرفعه فيه وإن كان بجوار المسجد وحصل به التوهم المذكور ع ش ا هـ بجيرمي

                                                                                                                              ( قوله : أو غيره ) أي : من أمكنه الجماعة كمدرسة ورباط نهاية ومغني قول المتن ( وقعت فيه جماعة إلخ ) عبارة الروض [ ص: 464 ] لا في مسجد أذن فيه أو أقيمت جماعة وشرحه شارحه هكذا إلا إن صلى في مسجد أذن وصلى فيه ولو فرادى ، أو في مسجد أذن وأقيمت فيه جماعة ا هـ باختصار فمجرد الأذان لا يمنع رفع الصوت سم ( قوله : أو صلوا فرادى ) أي : فالجماعة ليست بقيد شوبري وشيخنا عبارة ع ش زاد حج ، أو صلوا فيه فرادى ومثله في شرح الروض وفيه أيضا أنه أذن لتلك الصلاة وعليه فلو صلوا بلا أذان استحب الأذان ، والرفع مع أن علة المنع موجودة ا هـ سم ا هـ وقد يقال لا ينظر حينئذ إلى العلة المذكورة لتقصيرهم بترك الأذان ( قوله : وانصرفوا ) خلافا للنهاية ، والأسنى ، والمغني عبارة سم وقول الروضة كأصلها وانصرفوا مثال لا قيد فإن لم ينصرفوا فالحكم كذلك أي إنه لا يرفع ؛ لأنه إن طال الزمن بين الأذانين توهم السامعون دخول وقت أخرى وإلا توهموا وقوع صلاتهم قبل الوقت لا سيما في يوم الغيم ا هـ ووافقهم المتأخرون كالشبرملسي والبجيرمي وشيخنا ( قوله لئلا يوهمهم إلخ ) أي : إن كان الأذان في آخر الوقت

                                                                                                                              و ( قوله : أو يشككهم إلخ ) أي : إن كان في أوله شيخنا وفي سم ما نصه هذا المعنى موجود فيما إذا وقع الرفع بغير محل الجماعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبه اندفع ) أي : بقوله فيحضرون مرة ثانية إلخ ( قوله : للإيهام إلخ ) علة لعدم الحاجة ( قوله : وذلك ) أي الاندفاع ( قوله : في أحدها ) أي محال الجماعة ( قوله : يضر المنصرفين إلخ ) لا يقال هذا لا يناسب ، بل المناسب يضر أيضا غير المنصرفين إلى آخر ما يناسب ؛ لأن المقصود تعليل عدم اتجاه هذا القيد عن التعدد ؛ لأنا نقول المقصود تعليل عدم اتجاهه بالنسبة لمحل الرفع لا للبقية فليتأمل سم ( قوله : من البقية ) أي : ما عدا المرفوع فيه من محال الجماعة سم ( قوله : وإن لم ينصرفوا ) أي جماعة المسجد الذي وقع فيه الرفع منه بصري وسم ( قوله : وقضية المتن ندب الأذان إلخ ) تأمل الجمع بينه وبين جعله فاعل يرفع مطلق المؤذن الشامل لما ذكر فتدبر ، ثم رأيت في أصل الروضة ما نصه وإذا أقاموا جماعة مكروهة أو غير مكروهة فقولان أحدهما لا يسن لهم الأذان وأظهرهما يسن ولا يرفع فيه الصوت لخوف اللبس ا هـ فهذا تصريح بالقطع بعدم ندب الرفع فأنى تسوغ مخالفته بصري ( قوله : وإن كرهت ) أي : الجماعة الثانية كأن كانت بغير إذن الإمام الراتب كردي

                                                                                                                              ( قوله : بأن كراهتها لأمر خارج إلخ ) فيه نظر ، والتفصيل بين الخارج وغيره إنما يؤثر في الصحة وعدمهاسم أي لا في الندب وعدمه




                                                                                                                              الخدمات العلمية