الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويندب أن يرش القبر بماء ) لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك بقبر ولده إبراهيم ، ولما فيه من التفاؤل بالرحمة وتبريد المضجع للميت وحفظ التراب من تناثره ، والأولى أن يكون طهورا باردا .

                                                                                                                            قال الأذرعي : والظاهر كراهته بالنجس أو تحريمه .

                                                                                                                            قلت : والأوجه الثاني لما في فعل ذلك من الإزراء بالميت ، ويدل له ما مر من حرمة البول عليه أو على جداره ، ولا وجه للأول بل هو بعيد ، وخرج بالماء ماء الورد فيكره كما في الروضة الرش به ; لأن فيه إضاعة مال ، وإنما لم يحرم ; لأنه يفعل لغرض صحيح من إكرام الميت وإقبال الزوار عليه لطيب ريح البقعة به فسقط قول الإسنوي ، ولو قيل بتحريمه لم يبعد ، ويؤيد ما ذكرناه قول السبكي : لا بأس باليسير منه إذا قصد به حضور الملائكة ; لأنها تحب الرائحة الطيبة ، ويكره أن يطلى بالخلوق أيضا ( و ) أن ( يوضع عليه حصى صغار ) لما رواه الشافعي أنه صلى الله عليه وسلم وضع على قبر ابنه إبراهيم حصباء ، وهي بالمد وبالموحدة : الحصى الصغار ، وهو حديث مرسل مروي بإسناد ضعيف ، ويستحب وضع الجريد الأخضر على القبر للاتباع ، وكذا الريحان ونحوه من الأشياء الرطبة ، ويمنع على غير مالكه أخذه من على القبر قبل يبسه لعدم الإعراض عنه ، فإن يبس جاز لزوال نفعه المقصود منه حال رطوبته وهو الاستغفار ( و ) أن ( يوضع عند [ ص: 36 ] رأسه حجر أو خشبة ) أو نحو ذلك ; لأنه صلى الله عليه وسلم وضع عند رأس عثمان بن مظعون صخرة وقال .

                                                                                                                            أتعلم بها قبر أخي لأدفن إليه من مات من أهلي .

                                                                                                                            وقضيته ندب عظم الحجر ومثله نحوه ، ووجهه ظاهر فإن القصد بذلك معرفة قبر الميت على الدوام ولا يثبت كذلك إلا العظيم ، وذكر الماوردي استحبابه عند رجليه أيضا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويندب أن يرش القبر ) أي بعد تمام الدفن شمل ذلك الأطفال وهو ظاهر زاد حج ما لم ينزل مطر يكفي ا هـ حج وينبغي أنه لو نبت عليه حشيش اكتفي به عن وضع الجريد الآتي قياسا على نزول المطر ، ويحتمل خلافه معتمد ويفرق بأن زيادة الماء بعد نزول المطر الكافي لا معنى لها بحصول المقصود من تمهيد التراب بخلاف وضع الجريد زيادة على الحشيش فإنه يحصل به زيادة رحمة للميت بتسبيح الجريد ( قوله : المضجع ) قال في المصباح المضجع بفتح الميم والجيم موضع الضجوع والجمع مضاجع ( قوله : أن يكون طهورا باردا ) أي ولو ملحا ( قوله : والظاهر كراهته بالنجس ) سكت عن المستعمل ، ومفهوم قوله والأولى أن يكون طهورا أنه خلاف الأولى ( قوله : يكره كما في الروضة الرش ) وينبغي أن مثل ذلك الرش على غير القبر مما قصد به إكرام صاحب القبر كالرش على أضرحة بعض الأولياء إكراما لهم فلا يحرم ، وإن لم يكن على القبر ( قوله : من الأشياء الرطبة ) أي فيدخل في ذلك البرسيم ونحوه من جميع النباتات الرطبة ( قوله : ويمتنع على غير مالكه ) أما مالكه فإن كان الموضوع مما يعرض عنه عادة حرم عليه أخذه ; لأنه صار حقا للميت وإن كان كثيرا لا يعرض عن مثله عادة لم يحرم ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ويظهر أن مثل الجريد ما اعتيد من وضع الشمع في ليالي الأعياد ونحوها على القبور فيحرم أخذه لعدم إعراض مالكه عنه وعدم رضاه [ ص: 36 ] بأخذه من موضعه ( قوله : وقال أتعلم بها ) أي أجعلها علامة عليه أعرفه بها ، وقوله قبر أخي : أي من الرضاع ( قوله : وذكر الماوردي إلخ ) وفيه نظر ; لأنه خلاف الاتباع حج

                                                                                                                            أقول : قد يجاب بأن هذا وإن لم يرد لكنه في معنى ما ورد بجامع أن في كل تمييزا يعرف به القبر



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : والأولى أن يكون طهورا ) أي لا مستعملا حتى تأتي الأولوية وإلا فالنجس حرام كما يأتي ( قوله : ولا وجه للأول بل هو بعيد ) [ ص: 36 ] الأصوب هو بعيد بل لا وجه له




                                                                                                                            الخدمات العلمية