الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويستحب أن يصلي إلى سترة ، مثل آخرة الرحل ) هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم ، وأطلق في الواضح الوجوب قوله ( مثل آخرة الرحل ) قال الإمام أحمد والأصحاب : يكون طولها ذراعا ، وعرضها لا حد له قال [ ص: 104 ] ابن تميم وغيره : وعنه مثل عظم الذراع ، وقال في الرعايتين ، وقيل : علو شبر ، زاد في الرعاية الكبرى ، وقيل : ثلاثة أصابع قال في الحاوي الصغير : وهو علو شبر .

فائدتان . الأولى : تكفي السترة ، سواء كانت من جدار قريب ، أو سارية ، أو جماد غيره ، أو حربة ، أو شجرة نص عليه أو عصا ، أو إنسان ، أو حيوان بهيم طاهر ، غير وجهيهما ، ويكره إلى وجه آدمي نص عليه ، وفي الرعاية : أو حيوان غيره قال في الفروع : والأول المذهب ، أو لبنة ونحوها ، أو مخدة ، أو شيء شاخص غير ذلك في الفضاء ، كبعير أو رحله فإن تعذر ذلك فعصا ملقاة عرضا . نص عليه ، أو سوط ، أو سهم ، أو مصلاه الذي تحته ، أو خيط ، أو ما اعتقده سترة فإن تعذر غرز العصا وضعها .

الثانية : عرض السترة أعجب إلى الإمام أحمد قال في الرعاية وغيرها : يستحب ذلك ، ويستحب أيضا أن ينحرف عنها يسيرا ، ويستحب أيضا القرب من سترته ، بأن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع من قدميه نص عليهما قوله ( فإن لم يجد خط خطا ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه يكره الخط فعلى المذهب : يكون مثل الهلال نص عليه ، وعليه الأصحاب ، وقال غير واحد من الأصحاب : يكفي طولا .

فائدتان . الأولى : السترة المغصوبة والنجسة في ذلك كغيرهما قدمه في الرعاية الكبرى وقيل : لا تفيد شيئا ، وجزم ابن رزين في شرحه في المغصوبة . قلت : الصواب أن النجسة ليست كالمغصوبة [ ص: 105 ] وأطلقهما في المغصوبة في الرعاية الصغرى ، والمغني ، والشرح ، والحاويين ، والفروع ، وقال : فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم : وعلى قياسه سترة الذهب قال في الفروع : ويتوجه معها : لو وضع المار سترة ومر ، أو تستر بدابة جاز . قال الشارح : أصل الوجهين إذا صلى في ثوب مغصوب على ما تقدم قال في الكافي : الوجهان هنا ، بناء على الصلاة في الثوب المغصوب . قلت : فعلى هذا لا يكون ذلك سترة .

الثانية : سترة الإمام سترة لمن خلفه ، وسترة المأموم لا تكفي أحدهما ، بل لا يستحب له سترة ، وليست سترة له ، وذكر الأصحاب أن معنى ذلك : إذا مر ما يبطلها قال في الفروع ، فظاهره : أن هذا فيما يبطلها خاصة ، وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره ، وقال صاحب النظم : لم أجد أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه ، اعتبارا بسترة الإمام لهم حكما ، ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال ; لما فيه من المشقة على الجميع قال في الفروع ومراده : عدم التصريح به ، وقال : احتجاجهم بقضية ابن عباس والبهيمة التي أرادت أن تمر بين يديه عليه أفضل الصلاة والسلام فدارأها حتى التصقت بالجدار فمرت من ورائه ، مختلف على وجهين ، والأول أظهر قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : صوابه الثاني أظهر لأنه محل وفاق الشافعية . أعني عموم : سترة الإمام سترة لما يبطلها ولغيره كمرور الآدمي ، ومنع [ ص: 106 ] المصلي المار . انتهى . وقال ابن تميم : من وجد فرجة في الصف قام فيها إذا كانت بحذائه فإن مشى إليها عرضا كره ، وعنه لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية