الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        163 [ ص: 90 ] ( 3 ) باب قدر السحور من النداء

                                                                                                                        137 - مالك عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم " .

                                                                                                                        [ ص: 91 ] 138 - مالك عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن بلالا ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم " . ( قال ) : وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا ينادي حتى يقال له : أصبحت ، أصبحت .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        4265 - وقد ذكرنا في التمهيد من وصل حديث ابن شهاب ، فجعله عن [ ص: 92 ] سالم ، عن ابن عمر ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .

                                                                                                                        [ ص: 93 ] 4266 - وفي هذا الحديث جواز الأذان لصلاة الصبح ليلا ، وفي إجماع المسلمين على أن النافلة لا أذان لها ما دل على أن أذان بلال بالليل إنما كان لصلاة الصبح . والله أعلم .

                                                                                                                        4267 - وهذا قول علماء أهل الحجاز والشام .

                                                                                                                        4268 - وممن أجاز الأذان لصلاة الصبح ليلا مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وداود ، والطبري ، وهو قول أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي الكوفي .

                                                                                                                        4269 - وحجتهم حديث هذا الباب ; لأن فيه الإخبار بأن بلالا كان شأنه أن يؤذن للصبح بليل . يقول : فإذا جاء رمضان فلا يمنعكم أذانه من سحوركم ، وكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ; فإن من شأنه أن يقارب الصباح بأذانه .

                                                                                                                        4270 - وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وزفر ، ومحمد بن الحسن ، والحسن بن حي ، وجمهور أهل العراق من التابعين ومن بعدهم - : لا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتى يطلع الفجر .

                                                                                                                        4271 - وعندهم في ذلك آثار كثيرة قد ذكرها جماعة من المصنفين ، منهم ابن أبي شيبة ، وعبد الرزاق ، وقد ذكرنا في " التمهيد " بعضها .

                                                                                                                        [ ص: 94 ] 4272 - منها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال : " لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر " .

                                                                                                                        4273 - ومنها أن بلالا أذن مرة قبل الفجر ، فأمره رسول الله أن يعيد الأذان فينادي : ألا إن العبد قد نام .

                                                                                                                        4274 - وعرض مثل هذا لعمر مع مؤذن له يقال له : مسروح ، أذن قبل الفجر ، فأمره بمثل ذلك .

                                                                                                                        4275 - وآثار كثيرة بمثل هذا المعنى عن بلال ، وعن سلف أهل العراق ، إلا أن حديث ابن عمر في هذا الباب أثبت عند أهل العلم بالنقل .

                                                                                                                        4276 - ومن حجتهم أيضا : أن سائر الصلوات قد أجمعوا أنه لا يجوز لها الأذان قبل وقتها .

                                                                                                                        4277 - واختلفوا في الصبح ، فواجب أن ترد الصبح قياسا على غيرها ; إذ لم يجمعوا فيها على ما يجب التسليم له .

                                                                                                                        4278 - والذي أقول به أنه جائز الأذان للصبح قبل الفجر ; لصحة الإسناد بذلك في حديث ابن عمر ، على أن يؤذن لها مع ذلك المؤذن مؤذن آخر قرب الفجر استحسانا واحتياطا .

                                                                                                                        4279 - وإنما قلت ذلك استحسانا ، ولم نر ذلك واجبا ; لأنا تأولنا في قوله : أصبحت ، أصبحت : قاربت الصباح ; بدليل قوله : " كلوا واشربوا حتى [ ص: 95 ] ينادي ابن أم مكتوم " ، ولو أذن قبل الفجر لم يؤمروا بالأكل إلى وقت أذانه .

                                                                                                                        4280 - وقد أجمعوا أن الصيام من أول الفجر .

                                                                                                                        4281 - وشذ في ذلك عنهم من هو محجوج بهم .

                                                                                                                        4282 - وتأويل مقاربة الصباح موجودة في الأصول ; بدليل قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف " [ البقرة : 231 ] وهذا معناه قاربن بلوغ أجلهن ، ولو بلغن أجلهن لم يكن لأزواجهن إمساكهن بالمراجعة لهن ، وقد انقضت عدتهن .

                                                                                                                        4283 - وفي هذا الحديث معان من الصيام ذكرتها عند ذكر هذا الحديث في التمهيد ، وأخرتها في هذا الكتاب إلى كتاب الصيام ; لأنه أولى المواضع بذلك .




                                                                                                                        الخدمات العلمية