الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق . وحدثنا محمد بن علي ، ثنا الحسين بن محمد بن حماد ، ثنا سلمة بن شبيب -واللفظ له- أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كانت زينب بنت جحش هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله تعالى بالورع ، ولم أر امرأة أكثر خيرا وأكبر صدقة وأوصل للرحم وأبذل لنفسها في كل شيء يتقرب به إلى الله تعالى من زينب ما عدا سورة من حدة كانت فيها يوشك منها الفيئة .

              حدثنا محمد بن أحمد بن موسى الخطمي ، ثنا عباس بن محمد ، ثنا يعقوب بن إبراهيم ، ثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب الزهري ، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عائشة قالت : كانت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم تساويني من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين وأتقى لله عز وجل وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب إلى الله عز وجل ما عدا سورة من حدة كانت تسرع منها الفيئة .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا محمد بن يونس ، ثنا روح بن عبادة ، ثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد ، عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من المهاجرين يقسم ما أفاء الله عليه ، فبعثت إليه امرأة من نسائه وما منهم إلا ذو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما عم أزواجه عطيته قالت زينب بنت جحش : يا رسول الله ما من نسائك امرأة إلا وهي تنظر إلى أخيها أو أبيها أو ذي قرابتها عندك فاذكرني من أجل الذي زوجنيك ، فأحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم قولها وبلغ منه كل مبلغ فانتهرها - عمر ، فقالت : أعرض عني يا عمر ، فوالله لو كانت بنتك ما رضيت [ ص: 54 ] بهذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعرض عنها يا عمر فإنها أواهة " ، فقال رجل : يا رسول الله ما الأواه ؟ قال : " الخاشع الدعاء المتضرع " ثم قرأ : إن إبراهيم لأواه حليم .

              حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن كيسان ، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، ثنا علي بن عبد الله المديني ، ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، ثنا محمد بن عمرو ، حدثني يزيد بن خصيفة ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أخته برة بنت رافع ، قالت : لما خرج العطاء بعث - عمر بن الخطاب إلى زينب بنت جحش بعطائها ، فأتيت به ونحن عندها ، قالت : ما هذا ؟ قالت : أرسل به إليك - عمر ، قالت غفر الله له والله لغيري من أخواتي كانت أقوى على قسم هذا مني ، قالوا : إن هذا لك كله ، قالت : سبحان الله فجعلت تستر بينها وبينه بجلبابها - أو بثوبها - ضعوه اطرحوا عليه ثوبا ، ثم قالت : اقبض اذهب إلى فلان من أهل رحمها وأيتامها حتى بقيت بقية تحت الثوب ، قالت : فأخذنا ما تحت الثوب فوجدناه بضعة وثمانين درهما ، ثم رفعت يدها ، ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا أبدا ، فكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عباس بن الفضل الأسفاطي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني أبي ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه : " أولكن تتبعني أطولكن يدا " ، فكنا إذا اجتمعنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الحائط نتطاول ، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا ، فعرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بطول اليد الصدقة ، وكانت امرأة صناعا كانت تعمل بيديها وتتصدق به في سبيل الله عز وجل .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية