الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              158 - أسماء بنت عميس

              ومنهن مهاجرة الهجرتين ، ومصلية القبلتين ، أسماء بنت عميس الخثعمية المعروفة بالبحرية الحبشية ، أليفة النجائب وكريمة الحبائب ، عقد عليها جعفر الطيار وخلف عليها بعده الصديق سابق الأخيار ، ومات عنها الوصي علي سيد الأبرار .

              حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ، ثنا أحمد بن علي ، وأحمد بن زهير ، قالا : ثنا أبو كريب ، ثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافقناه حين فتح خيبر ، فأسهم لنا ، أو قال : فأعطانا منها ، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئا إلا لمن شهد معنا - أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه - قسم لها معهم ، فكان ناس من الناس يقولون لنا - يعني أهل السفينة - : سبقناكم بالهجرة ، قال : ودخلت أسماء بنت عميس ، فقال لها - عمر : هذه الحبشية البحرية ، قالت أسماء : نعم ، فقال - عمر : سبقناكم بالهجرة نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغضبت ، وقالت كلمة ، كلا والله ، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار - أو أرض - البعداء والبغضاء في الحبشة ، وذلك في الله ورسوله ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنحن كنا نؤذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله ، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله إن - عمر قال كذا وكذا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما قلت له ؟ " قالت : قلت كذا وكذا ، قال : ليس بأحق بي منكم ، له ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان " ، قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب [ ص: 75 ] السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم أفرح به ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو بردة : قالت أسماء : فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد مني هذا الحديث : ولكم الهجرة مرتين : هاجرتم إلى النجاشي ، وهاجرتم إلي " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن علي الصائغ ، ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : قال - عمر لأسماء بنت عميس : سبقناكم ، فقالت : أجل ، والله لقد سبقتونا بالهجرة ، وكنا عند الجفاة العداة ، وكنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم جاهلكم ، ويفقه عالمكم ، ويأمركم بمعالي الأخلاق .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ورواه الأجلح عن الشعبي عن أسماء نحوه ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن يحيى بن العلاء الرازي ، عن عمه شعيب بن خالد ، عن حنظلة بن سمرة بن المسيب بن نجبة ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة عليا ، دخل ، فلما رآه النساء وثبن وبينهن وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سترة ، فتخلفت أسماء بنت عميس ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : كما أنت على رسلك من أنت ؟ قالت : التي أحرس ابنتك فإن الفتاة ليلة يبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبة منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها ، قال : فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم " ، قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فلم يزل يدعو لهما خاصة لا يشركهما في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا زياد بن أيوب ، ثنا أبو زكريا يحيى بن أبي زائدة ، أخبرني أبي وإسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي قال : تزوج علي رضي الله تعالى عنه أسماء بنت عميس بعد أبي بكر ، فتفاخر ابناها محمد بن أبي بكر ، وعبد الله بن جعفر ، فقال كل واحد منهما : أنا خير منك وأبي [ ص: 76 ] خير من أبيك ، فقال علي لأسماء : اقض بينهما ، فقالت لابن جعفر : أما أنت يا بني فما رأيت شابا من العرب كان خيرا من أبيك ، وأما أنت يا بني فما رأيت كهلا من العرب كان خيرا من أبيك ، فقال لها علي : ما تركت لنا شيئا ، ولو قلت غير هذا لمقتك ، فقالت : والله إن ثلاثة أنت أخسهم لأخيار .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية