الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 287 ] أبو جعفر القارئ

                                                                                      أحد الأئمة العشرة في حروف القراءات ، واسمه يزيد بن القعقاع المدني . تلا على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وذكر جماعة أنه قرأ أيضا على أبي هريرة ، وابن عباس عن أخذهم عن أبي بن كعب ، وقد صلى بابن عمر .

                                                                                      وحدث عن أبي هريرة ، وابن عباس ، وهو نزر الرواية ، لكنه في الإقراء إمام . قيل : تصدر للأداء من قبل وقعة الحرة ، ويقال : تلا على زيد بن ثابت ولم يدركه .

                                                                                      قرأ عليه نافع ، وسليمان بن مسلم بن جماز ، وعيسى بن وردان ، وطائفة وحدث عنه مالك بن أنس ، والدراوردي ، وعبد العزيز بن أبي حازم .

                                                                                      ووثقه ابن معين والنسائي ، قال أبو عبيد ; كان يقرئ قبل وقعة الحرة ، حدثنا بذلك إسماعيل بن جعفر عنه . وقال إسماعيل بن جعفر : قال لي سليمان بن مسلم : أخبرني أبو جعفر أنه كان يقرئ قبل الحرة ، وكان يمسك المصحف على مولاه ، قال : وكان من أقرأ الناس ، وكنت أرى كل ما يقرأ ، وأخذت عنه قراءته . وأخبرني أبو جعفر أن أم سلمة مسحت على رأسه ، ودعت له .

                                                                                      وعن يحيى بن عباد : سألت أبا جعفر : متى علمت القرآن ؟ قال : زمن معاوية .

                                                                                      وقال نافع القارئ : كان أبو جعفر ، يقوم الليل ، فإذا أقرأ ينعس ، فيقول لهم : ضعوا الحصى بين أصابعي وضموها ، فكانوا يفعلون ذلك ، والنوم يغلبه . [ ص: 288 ]

                                                                                      فقال : إذا نمت ، فمدوا خصلة من لحيتي . قال : فمر به مولاه ، فيرى ما يفعلون به . فيقول : أيها الشيخ ، ذهبت بك الغفلة ، فيقول أبو جعفر : هذا في خلقه شيء ، دوروا بنا وراء القبر .

                                                                                      وقال ابن وهب : حدثنا ابن زيد بن أسلم ، قال : قال رجل لأبي جعفر -وكان في دينه فقيها وفي دنياه أبله- : هنيئا لك ما آتاك من القرآن ، قال : ذاك إذا أحللت حلاله ، وحرمت حرامه ، وعملت بما فيه . وكان يصلي خلف القراء في رمضان ، يلقنهم ، يؤمر بذلك ، وجعلوا بعده شيبة .

                                                                                      وقيل : كان يتصدق حتى بإزاره ، وكان من العباد . وروى زيد بن أسلم ، عن سليمان بن مسلم ، قال : رأيت أبا جعفر القارئ على الكعبة ، فقال : أقرئ إخواني السلام ، وخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين .

                                                                                      وروى إسحاق المسيبي ، عن نافع ، قال : لما غسل أبو جعفر ، نظروا ما بين نحره إلى فؤاده كورقة المصحف ، فما شك من حضره أنه نور القرآن . وقد سقت كثيرا من أخبار أبي جعفر في " طبقات القراء " .

                                                                                      مات سنة سبع وعشرين ومائة قاله محمد بن المثنى ، وقال شباب : سنة اثنتين وثلاثين . وعاش نيفا وتسعين سنة -رحمه الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية