الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 110 ] عطاء بن السائب ( 4 )

                                                                                      الإمام الحافظ ، محدث الكوفة أبو السائب ، وقيل : أبو زيد ، وقيل : أبو يزيد ، وأبو محمد الكوفي .

                                                                                      عن أبيه السائب بن زيد ، وقيل : ابن يزيد ، وقيل : ابن مالك الثقفي ، مولاهم ، وعن أنس بن مالك - ولم يثبت أنه سمع منه ، وقد جاء بإدخال يزيد الرقاشي بينهما - وعن عبد الله بن أبي أوفى ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبي وائل ، ومرة الطيب ، وعمرو بن ميمون الأودي ، ومجاهد وأبي البختري الطائي ، وذر بن عبد الله ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن بريدة ، وعكرمة ، والحسن ، وأبي ظبيان ، وسالم البراد وخلق كثير .

                                                                                      وكان من كبار العلماء ، لكنه ساء حفظه قليلا في أواخر عمره .

                                                                                      حدث عنه إسماعيل بن أبي خالد ، وهو من طبقته ، والثوري ، وابن جريج ، وأبو جعفر الرازي ، وروح بن القاسم ، والحمادان ، وموسى بن أعين ، وأبو عوانة ، وجعفر بن سليمان ، وأبو الأحوص ، وشعبة ، وشريك ، وعبيدة بن حميد ، وابن فضيل ، وجرير بن عبد الحميد ، وزائدة ، وزهير بن معاوية ، وابن عيينة ، وهشيم ، وأبو إسحاق الفزاري ، وعلي بن عاصم ، وابن علية ، وخلق كثير .

                                                                                      قال ابن عيينة : حدثني بعض أصحابنا ، أن أبا إسحاق كان يسأل عن عطاء بن السائب ، فيقول : إنه من البقايا .

                                                                                      [ ص: 111 ] وروى إبراهيم بن مهدي ، عن حماد بن زيد قال : أتينا أيوب ، فقال : اذهبوا ، فقد قدم عطاء بن السائب من الكوفة . وهو ثقة ، اذهبوا إليه ، فسلوه عن حديث أبيه في التسبيح .

                                                                                      علي ابن المديني ، عن يحيى بن سعيد قال : ما سمعت أحدا يقول في عطاء بن السائب شيئا قط في حديثه القديم ، وما حدث سفيان وشعبة عنه صحيح ، إلا حديثين . كان شعبة يقول : سمعتهما بأخرة عن زاذان .

                                                                                      أحمد بن سنان عن عبد الرحمن قال : ليث بن أبي سليم ، وعطاء بن السائب ، ويزيد بن أبي زياد ، ليث أحسنهم حالا عندي .

                                                                                      وروى عثمان بن أبي ، شيبة ، عن جرير ، وذكر الثلاثة ، فقال : يزيد أحسنهم استقامة في الحديث ثم عطاء . قال أحمد بن حنبل : عطاء ثقة ثقة ، رجل صالح ، وقال : من سمع منه قديما كان صحيحا ، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء ، سمع منه قديما شعبة ، وسفيان . وسمع منه حديثا : جرير وخالد بن عبد الله ، وإسماعيل وعلي بن عاصم ، وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها .

                                                                                      [ ص: 112 ] قال : وقال وهيب لما قدم عطاء البصرة قال : كتبت عن عبيدة ثلاثين حديثا ، ولم يسمع من عبيدة شيئا ، وهذا اختلاط شديد .

                                                                                      أبو داود عن أحمد قال : كان عطاء بن السائب من خيار عباد الله ، كان يختم القرآن كل ليلة . وقال شعبة : حدثنا عطاء وكان نسيا . وقال يحيى : لم يسمع عطاء بن السائب من يعلى بن مرة ، قال : واختلط عطاء فما سمع منه قديما فهو صحيح ، وقد سمع منه أبو عوانة ، في الصحة وفي الاختلاط جميعا ، ولا يحتج بحديثه .

                                                                                      ابن عدي ، أنبأنا ابن أبي عصمة ، حدثنا أحمد بن أبي يحيى سمعت يحيى بن معين يقول : ليث بن أبي سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب . وجميع من روى عن عطاء ففي الاختلاط ، إلا شعبة وسفيان .

                                                                                      قال ابن عدي : عطاء اختلط في آخر عمره ، فمن سمع منه قديما مثل الثوري وشعبة ، فحديثه مستقيم . ومن سمع منه بعد الاختلاط فأحاديثه فيها بعض النكرة . وقال العجلي : كان شيخا قديما ثقة ، روى عن ابن أبي أوفى ، ومن سمع منه قديما فهو صحيح ، منهم الثوري ، فأما من سمع منه بأخرة ، فهو مضطرب الحديث ، منهم هشيم وخالد بن عبد الله ، وكان عطاء بأخرة يتلقن إذا لقن ، لأنه كان غير صالح الكتاب ، وأبوه تابعي ثقة .

                                                                                      وقال أبو حاتم : كان محله الصدق قديما قبل أن يختلط ، ثم تغير حفظه ، [ ص: 113 ] في حديثه تخاليط كثيرة ، وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب ، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين ، فرفعها إلى الصحابة .

                                                                                      وقال النسائي : ثقة في حديثه القديم إلا أنه تغير ، ورواية حماد بن زيد ، وشعبة ، وسفيان عنه جيدة .

                                                                                      الحميدي عن سفيان قال : كنت سمعت من عطاء بن السائب قديما . ثم قدم علينا قدمة ، فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعته ، فخلط فيه ، فاتقيته واعتزلته .

                                                                                      وقال أبو النعمان عن يحيى بن سعيد : عطاء بن السائب تغير حفظه بعد ، وحماد بن زيد سمع منه قبل أن يتغير .

                                                                                      وقال أبو قطن عن شعبة : ثلاثة في القلب منهم هاجس : عطاء بن السائب ، ويزيد بن أبي زياد ، وآخر .

                                                                                      إسماعيل بن بهرام ، عن أبي بكر بن عياش قال : كنت إذا رأيت عطاء بن السائب ، وضرار بن مرة ، رأيت أثر البكاء على خدودهما .

                                                                                      قال ابن سعد وغيره : مات عطاء بن السائب سنة ست وثلاثين ومائة .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن هبة الله ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة ، فقلت : ما هذه الرائحة يا جبريل ؟ قال : هذه ماشطة بنت فرعون ، كانت تمشطها فوقع المشط من يدها . قالت : بسم الله . قالت ابنة فرعون : أبي ؟ قالت : ربي ورب أبيك . قالت : أقول له إذا ، قالت : قولي له . قال لها : أو لك رب غيري ؟ قالت : ربي وربك الذي في السماء . قال : فأحمى لها بقرة من نحاس . فقالت : إن لي إليك حاجة . قال : وما [ ص: 114 ] حاجتك ؟ قالت : أن تجمع عظامي وعظام ولدي . قال : ذلك لك علينا ، لما لك علينا من الحق . فألقى ولدها في البقرة واحدا واحدا . فكان آخرهم صبي . فقال : يا أمه اصبري فإنك على الحق .

                                                                                      قال ابن عباس : فأربعة تكلموا وهم صبيان : ابن ماشطة فرعون ، وصبي جريج ، وعيسى ابن مريم ، والرابع لا أحفظه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية