الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      حفصة أم المؤمنين ( ع )

                                                                                      الستر الرفيع ، بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي أحد المهاجرين ، في سنة ثلاث من الهجرة .

                                                                                      قالت عائشة : هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                      وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة .

                                                                                      روت عنه عدة أحاديث .

                                                                                      روى عنها : أخوها ابن عمر ، وهي أسن منه بست سنين ، وحارثة بن [ ص: 228 ] وهب ، وشتير بن شكل والمطلب بن أبي وداعة ، وعبد الله بن صفوان الجمحي ، وطائفة .

                                                                                      وكانت لما تأيمت ، عرضها أبوها على أبي بكر ، فلم يجبه بشيء ؛ وعرضها على عثمان ، فقال : بدا لي ألا أتزوج اليوم ، فوجد عليهما ، وانكسر ، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ؛ ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة ، ثم خطبها ، فزوجه عمر .

                                                                                      وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها .

                                                                                      ولما أن زوجها عمر ، لقيه أبو بكر ، فاعتذر ، وقال : لا تجد علي ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة ؛ فلم أكن لأفشي سره ، ولو تركها ، لتزوجتها .


                                                                                      وروي : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، طلق حفصة تطليقة ، ثم راجعها بأمر جبريل - عليه السلام - له بذلك ، وقال : إنها صوامة ، قوامة ، وهي زوجتك في الجنة [ ص: 229 ] إسناده صالح . يرويه موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر الجهني .

                                                                                      وحفصة ، وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأنزل الله فيهما : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل الآية .

                                                                                      موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة ، قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ؛ فبلغ ذلك عمر ، فحثا على رأسه التراب ، وقال : ما يعبأ الله بعمر وابنته ، فنزل جبريل من الغد ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر رضي الله عنهما .

                                                                                      توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين عام الجماعة .

                                                                                      وقيل : توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها والي المدينة مروان . قاله الواقدي ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم . [ ص: 230 ]

                                                                                      ومسندها في كتاب بقي بن مخلد ستون حديثا .

                                                                                      اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث . وانفرد مسلم بستة أحاديث .

                                                                                      ويروى عن عمر : أن حفصة ولدت إذ قريش تبني البيت .

                                                                                      وقيل : بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ثلاث .

                                                                                      قال الواقدي : حدثني علي بن مسلم ، عن أبيه : رأيت مروان فيمن حمل سرير حفصة ؛ وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها .

                                                                                      حماد بن سلمة : أخبرنا أبو عمران الجوني ، عن قيس بن زيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، طلق حفصة ؛ فدخل عليها خالاها : قدامة ، وعثمان ؛ فبكت ، وقالت : والله ما طلقني عن شبع . وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قال [ ص: 231 ] لي جبريل : راجع حفصة فإنها صوامة ، قوامة ، وإنها زوجتك في الجنة .

                                                                                      وروى نحوه من كلام جبريل الحسن بن أبي جعفر ، عن ثابت ، عن أنس ، مرفوعا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية