الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطع الطواف عند الشافعية والبناء عليه وكيفيته

السؤال

ما حكم قطع الطواف الركن في العمرة؟
شخص قام بالعمرة، وأثناء الطواف قام بالمزاحمة على الحجر الأسود، وسقط رداؤه، فقطع الطواف وأزال الرداء نهائياً، وربما انكشف شيء ما بين السرة والوسط، ثم أعاد ارتداءه وتركيب دبابيس، وأخد ما بين 4 أو 5 دقائق.
فهل يعتبر ذلك فاصلا طويلا يقطع الموالاة؟
ثم بنى من النقطة التي وقف فيها واستكمل الشوط بدون تعيين نية.
فهل البناء صحيح؟ وهل يلزم تعيين نية لكل شوط في الطواف؟
رجاء الفتوى على المذهب الشافعي، فقد قرأت أنهم لا يشترطون الموالاة أو النية في الطواف كما أباحوا البناء من أي نقطة في الطواف، وكذلك لديهم أن الشك بعد الفراغ من الطواف لا يضر.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن الشك في العبادة بعد الفراغ منها لا يؤثر عند الشافعية، وقال بذلك غيرهم؛ وانظر الفتوى رقم: 120064.

وأما الموالاة في الطواف، فالصحيح عند الشافعية أنها مستحبة لا واجبة، فمن قطع طوافه ولو لغير عذر، ثم بنى على ما مضى منه، فطوافه صحيح.

قال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا يَنْبَغِي لِلطَّائِفِ أَنْ يُوَالِيَ طَوَافَهُ، فَلَا يُفَرِّقَ بَيْنَ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ، وَفِي هذه الموالاة قَوْلَانِ (الصَّحِيحُ) الْجَدِيدُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، فَلَوْ فَرَّقَ تَفْرِيقًا كَثِيرًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَبْطُلُ طَوَافُهُ، بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهُ وَإِنْ طال الزمان بينهما. انتهى.

ثم إذا بنى على ما سبق من طوافه، فالصحيح أنه يبني من الموضع الذي وصل إليه، فلا يلزمه الابتداء من الحجر، ولا يطوف من أي موضع شاء.

قال النووي: حَيْثُ قَطَعَ الطَّوَافَ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقُلْنَا يَبْنِي عَلَى الْمَاضِي، فَظَاهِرُ عِبَارَةِ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَبْنِي مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ وَصَلَ إلَيْهِ. انتهى.

وأما النية فالأصح عند الشافعية أن الطواف في الحج أو العمرة لا تشترط فيه نية؛ لأن نية النسك تجري عليه.

قال النووي: قَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ كَانَ الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ، لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِلَا خِلَافٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا. وَإِنْ كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الطَّوَافَ، فَإِنْ طَافَ بِلَا نِيَّةٍ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) صِحَّتُهُ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ . انتهى.

وإذا علمت ما قدمناه، تبين لك أن الطواف الذي حصل فيه التوقف المسؤول عنه، لا إشكال في صحته على مذهب الشافعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة