الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السيناريو الأسوأ لغزة

السيناريو الأسوأ لغزة

رغم ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة يوم الأربعاء الرابع من يوليو، حيث نجحت مساعيها للإفراج عن الصحفي البريطاني آلان جونستون مراسل «بي. بي. سي» بعد مائة وستة عشر يوماً من احتجازه، وتقديمها البراهين على أنها حركة سياسية تعرف مقتضيات ومتطلبات العمل السياسي بأبعاده الدولية، فإن ما يحاك لقطاع غزة للسيطرة عليه وإبعاد حركة حماس عن إدارته يعتبر مقلقاً إلى حد بعيد، ليس لأنه يستهدف حماس فقط ولكن لأنه يسعى لإجهاض خيار الشعب الفلسطيني في اختيار من يحكمه.

غزة والأمن القومي المصري

فرغم تراجع موقف الرئيس المصري من هجوم حاد على حركة حماس والإعلان عن سحب البعثة المصرية من غزة وإرسالها إلى رام الله إلى الإعلان في قمة شرم الشيخ عن ضرورة فتح باب الحوار خلال شهر والإعلان عن عودة الوفد الأمني المصري إلى غزة خلال أيام، مما يعطي مؤشراً على أن القيادة المصرية أدركت أن معاداة حركة حماس أو من يدير قطاع غزة أو يسيطر عليه بشكل عام أياً كان ليس في مصلحة الأمن القومي المصري على الإطلاق، فغزة كانت وحتى هزيمة عام 1967 تخضع للإدارة المصرية ومن ثم فإن الوضع الذي هي عليه الآن هو وضع حديث أو مستحدث لا يلغي الأهمية الاستراتيجية لغزة بالنسبة للأمن القومي المصري، لكن بعض المراقبين يرون أن ما يحاك الآن لغزة دولياً وإقليمياً أبعد بكثير من الدعوة للحوار التي أطلقت من شرم الشيخ، فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أطلق الدعوة من فرنسا يوم الجمعة 29 يونيو لمجيء قوات دولية إلى غزة، وفي نفس الوقت تم رفع شعار «الضفة أولاً»، حيث أعلنت كثير من الدول عن إرسال المساعدات إلى السلطة في الضفة بينما تترك غزة ليتضور أهلها جوعاً تحت الحصار حتى يعرفوا أن النعيم لدى السلطة التي تتهمها حماس بموالاة "إسرائيل" والغرب، وأن الجحيم لدى حماس التي يطالبها الغرب بشروط معظمها تعجيزي ودون مقابل لمجرد القبول بها دولياً، ومن ثم فإن الأمور تتجه إلى سيناريو ربما يكون الأسوأ لغزة ولحماس التي تخاف منها معظم الأنظمة الإقليمية وتعتبر تجربتها خطراً يهدد كياناتها فضلاً عن "إسرائيل" وأميركا ويشجع الشعوب العربية الهامدة على التحرك لاسترجاع السلطة من أيدي الذين سلبوها بالأمن والبطش والاستبداد.

السيناريو المحتمل

وفي حين يتم تهدئة الأمور ظاهرياً فإن السيناريو الذي أشارت إليه بعض المصادر الإسرائيلية ونشر في بعض الصحف يقوم على السير في اتجاه التهدئة ظاهرياً، فيما يتم الإعداد لعملية اجتياح إسرائيلي كبيرة لغزة يشارك فيها عشرون ألف جندي إسرائيلي تساندهم طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار تقوم بالتركيز على ضرب كل البنى التحتية لحركة حماس وأماكن وجود القوة التنفيذية وكذلك تدمير كل المؤسسات التي تستخدمها حماس الآن، وفي نفس الوقت اغتيال أكبر عدد ممكن من قيادات حماس في غزة بدءاً برئيس الوزراء إسماعيل هنية وانتهاء بالقادة المحليين في بعض المناطق، ومن ثم تدمير جيلين على الأقل من القيادات التي يمكن أن تسير الأمور، يصاحب هذا الاجتياح قوة نيران هائلة توازي قوة النيران التي استخدمتها الولايات المتحدة في معركة الفلوجة الثانية في نوفمبر من عام 2004، والتي أشار مراقبون أنها لم تستخدم ضد مدينة واحدة منذ الحرب العالمية الثانية وهذا ما جعل القوات الأميركية تحاصر الفلوجة إلى اليوم ولا تسمح لغير أهلها بالدخول إليها أو الخروج منها وتمنع أي عمليات تصوير تتم داخل المدينة حتى لا يتم الكشف عن الجرائم التي ارتكبت بحقها وحق أبنائها والتي كانت عملية تدمير شامل للمدينة.

سيناريو الفلوجة هو الأقرب للتنفيذ في غزة لاسيما أن إيهود باراك العائد وزيراً للدفاع في "إسرائيل" يراهن على عودة القبضة الإسرائيلية الحديدية داخلياً وخارجياً في ظل تفشي الفساد والضعف في الإدارة الإسرائيلية، لاسيما بعد الهزيمة التي لحقت بالجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان في شهر يوليو من العام الماضي، ورغم أن "إسرائيل" تدرك أن اجتياح غزة سيكون مكلفاً من حيث الدخول في مغامرة عسكرية جديدة مع مقاتلي حماس المدربين جيداً على حرب العصابات لكنهم يعتمدون في خطتهم على توجيه ضربة جوية قوية يرافقها قصف صاروخي ومدفعي، أما رد الفعل الدولي فلن يعدو في نهايته بعد أن يتم تنفيذ المخطط على صدور قرار من قرارات مجلس الأمن غير الملزمة ل"إسرائيل" منذ قيامها، بل إن الفيتو الأميركي جاهز لأي تحرك، كما أن التحرك الرسمي العربي لا يعتقد أن يكون كبيراً في ظل أن كثيراً من الأنظمة العربية تريد من يخلصها من حركة حماس، بعد ذلك يدعى مجلس الأمن للانعقاد ويصدر قراراً بإرسال قوات دولية إلى غزة، تقوم هذه القوات بدورين هامين الأول هو حماية حدود "إسرائيل" من جهة غزة من الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة، والثاني هو التمهيد لعودة جماعة دايتون أو دحلان وشركاه إلى غزة وتغيير كل ما يتعلق بالنظام الانتخابي والإداري الذي سمح لحركة حماس بأن تحصل على ما حصلت عليه وإعادة فرض القبضة الأمنية مرة أخرى على أهل غزة، هذا هو السيناريو الأسوأ الذي يعد الآن في الخفاء لغزة، ويتوقع أن يتم تنفيذه خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، هذا ما يخططون له لكن هل كل ما خططوا له نجحوا في تنفيذه؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوطن القطرية

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

قراءات وتحليلات

الحرب على غزة بين خطاب التدويل وخطاب الثنائية

منذ اليوم الأوّل لعمليّة "طوفان الأقصى"، وهناك حروبٌ متعدّدة، وغير بعيدة عن العمليات العسكريّة في غزة والضفة...المزيد