الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث في مثل هذا الأسبوع (25 صفر - 2 ربيع الأول)

حدث في مثل هذا الأسبوع (25 صفر - 2 ربيع الأول)

حدث في مثل هذا الأسبوع (25 صفر - 2 ربيع الأول)

وفاة الأديب الكبير الدكتور محمد رجب البيومي 2 ربيع الأول 1432هـ (2011 م)
الدكتور محمد رجب البيومي علم من أعلام الأزهر المعاصرين وفارس من فرسانه، ورمز من رموزه المبدعين الذين كانت لهم بصمة في إثراء الحياة الأدبية المعاصرة، اجتهد في رصد نهضتنا الأدبية والإسلامية بما أبدعه من مؤلفات ومقالات حازت شهرة واسعة بين أوساط المثقفين والمؤرخين.
وهو شخصية متعددة المواهب والجوانب فهو الشاعر الفحل والأديب المبدع والناقد المنصف القصاص الشائق والمؤرخ الموسوعي الذي تميز بموسوعية العالم وموضوعية الباحث وعمق المحلل مع رشاقة الأسلوب و جمال البيان والبراعة في التحليل الإبداع والتميز في تناول المشكلات وحلولها.
كان رحمه الله له عناية خاصّة بتراجم الأعلام المشاهير بطريقة بديعة فريدة، كما جند نفسه للدفاع عن الإسلام والأزهر قلعته الحصينة ودحض أباطيل المستشرقين والعلمانيين.
كان رحمه الله متواضعا زاهدا في حطام الدنيا، عازفا عن المناصب والشهرة، يجد متعته بين كتبه، أبعد ما يكون عن الأضواء، وأزهد الناس في المدح والثناء عف اللسان، طيب القلب، شديد الإخلاص.
سبعون عاما من العطاء قدَّم فيها الدكتور البيومي إنتاجًا أدبيًّا وعلميا غزيرًا في مختلف فروع اللغة العربيَّة والدراسات الإسلاميَّة، وكان حريصًا على نشر ما يكتبه بأيَّة صورة، وفي أي مكان ولو لم يكن هناك عائد مادي من وراء نشره، ذلك لخدمة القراء والدين واللغة والأدب.
اسمه ونشأته
اسمه محمد رجب البيومي، عند ولادته أسماه والده محمدًا في حين أطلقت عليه والدته اسم رجب فاشتهر به، وعند التحاقه بالتعليم علم أن اسمه الرسمي محمد فما كان منه إلا أن جمع بين الاسمين فعُرف بمحمد رجب البيومي.
ولد في 20 صفر 1342هـ الموافق الأول من أكتوبر 1923م بقرية الكفر الجديد مركز المنزلة بمحافظة الدقهلية.
نشأ في أسرة شديدة التمسك بمبادئ الدين الإسلامي، وقد أرسله والده حين بلغ الرابعة من عمره إلى كُتاب القرية ليحفظ القرآن الكريم ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة، فحفظ القرآن الكريم وجوده، وأتم المدرسة الإلزامية قبل أن يتم العاشرة من عمره، وبقي مع والده عامين قبل أن يلتحق بالأزهر، ثم التحق بمعهد دمياط الأزهري، وهو في الثانية عشرة من عمره، ودرس الفقه على المذهب الشافعي، وبعد إتمام المرحلة الابتدائية التحق بمعهد الزقازيق الأزهري للمرحلة الثانوية.
ثم عقب حصوله على الثانوية الأزهرية التحق بكلية اللغة العربية بالأزهر ليتخرج فيها عام 1368هـ(1949م)، ثم حصل على شهادة دبلوم معهد التربية العالي في العام التالي 1369هـ( 1950م)

حياته العملية
- عمل مدرسًا في المدارس الثانوية ودور المعلمات مدة خمسة عشر عامًا، عمل بمعهد المعلمات بالإسكندرية ،كما عمل مدرسًا بمدرسة أبي تيج الثانوية بمحافظة أسيوط.
- عمل مدرسًا بمعهد المعلمات بالفيوم في عام 1381هـ/ عام 1961م.
- واصل دراساته العليا حتى حصل على شهادة التخصص (الماجستير) في الأدب عام 1385هـ(1965م) عن موضوع "الأدب الأندلسي بين التأثير والتأثر".
- حصل على العالمية "الدكتوراه" عام 1387هـ (1967م)، عن موضوع عنوانه "سيدنا محمد في إبداعه الأدبي" "البيان النبوي".
- في 15 أبريل 1389هـ الموافق 30 يونيه 1969م عين مدرسًا بقسم البلاغة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر.
- نُدب أستاذًا مساعدًا لمادة الأدب والنقد للتدريس في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض لمدة أربع سنوات.
وقد كانت أيامه في الرياض من أخصب فترات حياته فقد ارتبط بالمثقفين فأحبهم وأحبوه لعلمه الغزير ورأيه الحر، و كوَّن صداقة قوية بصاحب مجله المنهل الدكتور عبد القدوس أبو صالح وبعدد من العلماء في جامعة الإمام محمد بن سعود ،منهم فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا والدكتور محمد علي الهاشمي، وامتد نشاطه إلى المحافل الثقافية في جدة ولناديها الأدبي بخاصة، وطبع له النادي بعض إنتاجه.
- بعد عودته من المملكة العربية السعودية، عمل أستاذًا لمادتي الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالمنصورة، ثم شغل منصب عمادتها بين عامي 1399هـ (1979م) و1409هـ( 1989م).
- عمل رئيسًا لتحرير مجلة الأزهر منذ ذي القعدة 1421هـ ( فبراير 2001م) حتى وفاته2011م.
- اختير كمقرر لجنة البلاغة والنقد لترقية الأساتذة بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الأدب والنقد لترقية الأساتذة أيضًا، ثم انتخب عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

أساتذته
تتلمذ الدكتور محمد رجب البيومي علي يد الكثير من مشاهير الأزهر والعلم، وفي مقدمتهم محمد فريد وجدي الذي تعرف عليه منذ أن كان طالبًا بمعهد الزقازيق الثانوي، كما توثقت صلته وزاد تأثره بالشيخ محمد الخضر حسين قبل توليه مشيخة الأزهر الشريف، وصحبه في الكثير من لقاءاته العلمية وعرف عن طريقه الكثير من الشخصيات منها: الشيخ عبد القادر المغربي نائب رئيس المجمع العلمي بدمشق، كما كان له صلة قوية بالأستاذ أحمد حسن الزيات، والذي انتفع منه من خلال مجالس الزيات المثمرة ومنهجه في تمحيص المقالات التي تنشر في صفحات الرسالة، وألف عنه كتابا أطلق عليه "أحمد حسن الزيات بين البلاغة والنقد"، ومن أساتذته أيضا عبد الكريم جرمانوس، والعالم الأزهري الشيخ صالح الجعفري، و الدكتور أحمد أمين والدكتور أحمد شفيع السيد أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية، وفي خلال دراسته التقي بشخصيات أخري منهم : عبد الرحمن شكري، وزكي مبارك، وعبد الحميد العبادي، وعبد المتعال الصعيدي، كما ارتبط بعلاقات صداقة بعدد من شيوخ الجامع الأزهر، و منهم: عبد الحليم محمود، ومحمود شلتوت، ومحمد سيد طنطاوي.

العطاء العلمي
كان الدكتور البيومي غزير الإنتاج سيال القلم، وقد بدأت رحلته مع الكتابة مبكرا عندما بعث بمقالة إلى مجلة "الأزهر" وكان يرأس تحريرها محمد فريد وجدي، وكان المقال عن غزوة بدر لخصه من كتب التاريخ والسيرة، على غرار ما كان يكتبه العلماء، فبعث إليه الأستاذ وجدي برسالة يوجهه فيها إلى أن كتابة المقال ليست سرداً للأحداث بقدر ما تكون سردا للوقائع والأحداث وتحليلاً لها واستخلاص العبر والنتائج واستخدام المنهج العلمي السليم .
تنوّع الإنتاج ا العلمي للدكتور محمد رجب البيومي من البلاغة القرآنيَّة والنبويَّة إلى التأريخ الأدبي في العصور المختلفة، إضافةً إلى مئات المقالات الأدبيَّة والإبداع الشعري و المقالات في المجلات المختلفة بداية من مجلة الرسالة والهلال والأزهر والثقافة والأديب اللبنانية، ومجلة الفيصل، ومجلة الكتاب، والمجلة العربية، ومجلة منار الإسلام، ومجلة المنهل، وغيرها.
وترك تراثا علميا في مختلف المجلات والدوريات العلميَّة سالفة الذكر في حاجة لجمعه ودراسته في أعمال كاملة حتى يستفيد منها طلاب الدراسات الأدبية والنقدية والدراسات الإسلاميَّة لأنها ذاكرة حية للحياة الثقافية والفكرية في مصر والعالم الإسلامي في تلك المرحلة المهمة من تاريخنا.
ونذكر هنا بعض ما طبع من إنتاجه
الدراسات الأدبية والعلمية:
1- البيان القرآني.. أصدره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
2- خطوات التفسير البياني.. أصدره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
3- البيان النبوي.. أصدرته دار الوفاء للنشر.
4- أدب السيرة النبوية عند الرواد المعاصرين.. أصدرته اللجنة العليا للدفاع عن الإسلام بالأزهر.
5- الأدب الأندلسي بين التأثر والتأثير.. أصدره المجلس العلمي لجامعة الإمام محمد بن مسعود بالرياض.
6- النقد الأدبي للشعر الجاهلي.. أصدره المجلس العلمي لجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض.
7- أحمد حسن الزيات بين البلاغة والنقد.. أصدرته دار الأصالة بالرياض.
8- دراسات أدبية.. أصدرته دار السعادة بمصر.
9- نظرات أدبية (4 أجزاء).. أصدرته دار زهران بمصر.
10- حديث القلم.. أصدره النادي الأدبي بجدة.
11- قطرات المداد.. أصدره النادي الأدبي بجدة.
12- التفسير القرآني.. أصدرته المؤسسة العربية الحديثة.
دراسات تاريخية
1- الأزهر بين السياسة وحرية الفكر.. دار الهلال
2- مواقف خالدة لعلماء الإسلام.. دار الهلال.
3- النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين (6 أجزاء) دار القلم في دمشق، يعد هذا الكتاب سفرا قيما ضخما في ست مجلدات، ترجم فيه لمعظم أعلام النهضة الإسلامية المعاصرين فكتب عن عشرات الشخصيات يتناول سير حياتهم وتحليل آثارهم وأعمالهم، راصداً دورهم الحيوي في إثراء حياتنا الأدبية والعلمية والإسلامية، ولم يقتصر في تراجمه على دور الأزهريين، بل تعداه إلى المصلحين من خارجه ومن أعلام الدول العربية والإسلامية، فأرخّ لمحمد فريد وجدي، ومحمد أحمد الغمراوي، ورشيد رضا، والكواكبي، وأبو الحسن الندوي، والمودودي، ومحمد زاهد الكوثري، ومصطفى صبري، وغيرهم .
4- ابن حنبل.. عن مجمع البحوث بالأزهر.
5- مع الأبطال.. دار القلم بيروت.
6- صفحات هادفة من التاريخ الإسلامي.. المؤسسة العربية الحديثة.
7- من القصص الإسلامي (جزءان).. المؤسسة العربية الحديثة.
سلسلة إسلاميات
1- في ميزان الإسلام (جزءان).
2- من منطلق إسلامي (جزءان).
3- مجالس العلم في حرم المسجد.
4- المثل الإسلامية.
5- في ظلال السيرة.
6- من شرفات التاريخ.
7- قضايا إسلامية (جزءان).. دار الوفاء بالمنصورة.
دواوين شعر:
من نبع القرآن، 1983دار الأصالة، بالرياض
حصاد الدمع، 1983دار الأصالة، بالرياض
صدى الأيام، 1984مطبعة السعادة
حنين الليالي، 1986، مطبعة السعادة
مسرحيات شعرية:
ملك غسان 1984، مكتب الجامعات للنشر
انتصار، فوق الأبوة، (في كتاب واحد)، مطبعة السعادة، 1985.
أعمال إبداعية أخرى:
فاتنة الخورنق، قصة أدبية، دار الأصالة، بالرياض، 1984.
في قصور الأمويين، مشاهدة تاريخية، مطبعة السعادة.
وله مجموعة قصص للأطفال، أصدرتها في أجزاء متوالية دار الأصالة، ودار القاسم بالرياض عام 1985 منها: المغامر الشجاع، الهمّة العالية، مؤامرة فاشلة، الفارس الوفي، يوم المجد، دجال القرية، الحبل الأسود، الفتاة المثالية، إلى الأندلس، رحلة الخير... وغيرها.
وفاته

توفي ـ رحمه الله ـ يوم السبت 2 ربيع الأول 1432هـ الموافق 5 فبراير 2011م، وتم دفنه عصرا في قريته (الكفر الجديد) مركز المنزلة محافظة الدقهلية ، عن 90 عاما رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته جزاء ما قدم للعربية وأدبها.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

حدث في مثل هذا الأسبوع

حدث في مثل هذا الأسبوع (16-22 من ذي الحجة)

وفاة المؤرخ اليمني محمد محمد زبارة 16 من ذي الحجة 1380هـ(1961م) وهو مؤرخ، ونسابة، وأديب وشاعر، من كبارعلماء عصره، له...المزيد