الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رحيل العلامة محمد المختار بن أباه

رحيل العلامة محمد المختار بن أباه

رحيل العلامة محمد المختار بن أباه

سيبقى موت العلماء مصاب جلل للأمة؛ لأن موت العالم يعني ذهاب علم وتجربة، ووجود العالم بين الناس يعني البصيرة، ونشر المعارف.
صحونا منذ يومين على خبر مؤلم وهو وفاة علم وحبر من أحبار المغرب العربي، رجل ذاع صيته بين الأنام؛ يبشر بدين الله، وينشر المعارف الإسلامية، ويشارك في المحافل الدولية، باسم العرب والمسلمين، لقد كان من الشخصيات العلمية في موريتانيا وأحد رواد جيل تأسيس موريتانيا الحديثة، بل تعدى دوره موريتانيا ليكون له شأن وشأو علمي ودعوي في المملكة المغربية، ورابطة العالم الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية، إنه الشيخ الدكتور محمد المختار ولد أباه.

انطلقت رحلة الشيخ رحمه الله تعالى مع العلم من المحضرة، فتعلم علوم الدين وحفظ القرآن الكريم ودرس المتون والنصوص المقررة، ثم انتقل للتعليم الحديث وتحصل على الشهادة الجامعية في الآداب العربية والحضارة من جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم استكمل رحلته حتى تحصل على درجة الدكتوراة من جامعة السوربون في باريس حول موضوع (تاريخ أدب التشريع الإسلامي في موريتانيا) عام 1975م
كان الشيخ نابغة زمانه فقد حاز فنوناً وعلوماً كثيرة، كان رحمه الله طياراً يقود طائرته الشراعية، ومفكراً؛ وفوق ذلك وأهم من ذلك علاقته بالعلم والمتون الشرعية، ودراساته التأصيلية، يحدث عن نفسه في آخر كتبه: ( رحلة مع الحياة) أنه ما كان أبداً ينقطع عن الدرس في كل مكان يحل به: "الشغف بالتعليم والحاجة الملحة التي أشعر بها إلى لقاء الطلبة وإلقاء الدروس والمناقشة حول مواضيعها" فاختار لنفسه دوماً مجال التعليم والارشاد والتوجيه.

ولد الشيخ المختار ولد اباه سنة 1924م في "علب آدرس" بموريتانيا من أسرة علم وعلماء، فقد والده وهو ابن ست سنوات، ولم يثنه فقد الوالد عن مواصلة طلب العلم، إذ قيض الله له حاضنة علمية، وهم أسرته المباركة أصحاب محضرة النباغية المشهورة، فمضى في سبيل العلم والرشاد، حتى فاق الأقران، وأصبح أحد الأعلام الذين يشار إليهم بالبنان.

وظائف تقلدها الشيخ:
1- أسس مع بعض الأفاضل أول كلية للتربية في موريتانيا.
2- وعمل مستشاراً ثقافياً لليونسكو عام 1979، والممثل الإقليمي لليونسكو في المغرب العربي.
3- انتخب أميناً عاماً مساعداً لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة عام 1984م.
4- رئيساً لفرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في موريتانيا.
5- رئيس أمناء جامعة شنقيط العصرية، أول جامعة مختصة بالعلوم الإسلامية والاجتماعية في موريتانيا.
6- أستاذاً في دار الحديث الحسنية بالرباط.
7- رئيسًا للجامعة الإسلامية في النيجر.
8- تقلد مناصب وزارية عدة مرات.
ورغم المناصب التي تقلدها الشيخ ظل حريصاً على المشاركة العلمية، تدريساً وتأليفا للكتب النافعة التي سارت بها الركبان.

من مؤلفات الشيخ المشهورة:
1- ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، والتي تصنف على أنها من أفضل الترجمات.
2- تاريخ القراءات في المشرق والمغرب.
3- تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب.
4- الشعر والشعراء في موريتانيا.
5- مدخل إلي أصول الفقه المالكي.
6- نماذج من قراءات أهل المدينة المنورة.
7- تاريخ التشريع الإسلامي في موريتانيا.
8- خلاصة الأدلة: نظم لأدلة كتاب الموطأ.
9- كتاب التجريد في أحكام التمهيد
وغير ذلك من كتب حوت علوماً متقنة مؤصلة، لقد راجت كتبه بين طبقات المثقفين، واعتنى بها الناس في كل مكان، هذا بالإضافة إلى دراسات ومقالات في مجال الفكر الإسلامي والتربية.

وللشيخ رحمه الله تعالى حضور إعلامي بارز يناقش فيه نوازل الزمان، ومشكلات العصر، مع التأصيل الشرعي لكل ما يطرح مزوداً بمتون العلم الشرعي التي تضلع منها من محضرة أهل أباه المباركة.
لقد جمع الشيخ بين الأصالة والمعاصرة، وكان من المدافعين عن ضرورة “رد الاعتبار” للغة العربية واستعادة مكانتها ومكانة الثقافة الإسلامية، وقدم في ذلك الإطار مقترحات تدخل في صلب إصلاح النظام التعليمي.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان العالية.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة