الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعددت ابنتك كي تكون زوجة ناجحة ؟

هل أعددت ابنتك كي تكون زوجة ناجحة ؟

كثير من الأمهات لا يعرفن أن عليهن واجبًا مهمًا تجاه بناتهن المقدمات على الزواج، هذا الواجب لا يتمثل في توفير ما ينبغي من الجهاز المتفق عليه مع الزوج ونحوه فحسب، وأيضًا لا يقتصر على مصارحتها بما يجب عليها اتباعه ليلة الزفاف، وما يجب أن تكون عليه، لكن هذا الواجب يتعدى ذلك إلى أمور أكثر أهمية، وأشد خطرًا في حال نسيانها، وعدم تعليمها للبنت.

وتلك الأمور تتمثل في توصية البنت بحسن التعامل مع الزوج، وكيفية تجنب المشكلات الزوجية، وواجبات الزوج على زوجته، وحقوق الزوجة على زوجها، ونحو ذلك.

هذه الأمور أكثر أهمية، وذلك لأن الفتاة سوف تنتقل من حياة إلى حياة أخرى، تختلف عنها اختلافًا بينًا.

لقد أصبحت زوجة مسؤولة عن بيت، وعن خدمة رجل آخر وهو الزوج، وهو إلى حد كبير غريب عنها، وإن كانت قد تعرفت عليه في فترة الخطوبة، لكن هذا لا يعني أنها تعرفت عليه تعرفًا كاملاً، بمعنى أنها لازالت لم تتعامل معه تعاملاً مباشرًا من موقع المسؤولية باعتبارها زوجة، وعلى الأقل لم تتعامل مع طباعه وخصائصه تعاملاً مباشرًا، إنها تحتاج لمن يشرح لها الكثير من الأمور حول الزواج والحياة الزوجية.

وقد كان العرب يعرفون ذلك قبل الإسلام، فكانت الأم تجلس مع ابنتها توصيها قبل الزواج بطريقة معاملة الزوج، وكيفية استيعابه.

واعتنى الإسلام بموضوع الزواج أيما اعتناء ، وبين للزوجين كيف يحفظ كل منهما للآخر حقوقه، وكيف يتعامل معه تعاملاً لائقًا، وهذا ما يجب أن تعلمه الأم بصفة خاصة حتى تعظ ابنتها به، وتبينه لها، حتى تكون على بينة من أمرها.

وقد كانت المرأة تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله: ما حق الزوج على زوجته، وذلك من أجل أن تتزوج على بينة من أمرها، وتعرف تكاليف الزواج منذ البداية.

ومما ينبغي للأم أن تُعلمه لابنتها، وهي مُقْدِمَة على الزواج مايلي :

1- طاعة الزوج وتقديره:

ينبغي أن تتعلم الفتاة المقبلة على الزواج أن طاعة الزوج – في غير معصية الله – واجبة، وأن عليها أن تكون مع زوجها هينة لينة، لا تجادله في كل كبيرة وصغيرة، ولا تعانده ولا تعصي أمره، فإن الرجل هو الرئيس أو القائد في الحياة الزوجية، وقد اقتضت حكمة الله هذا الأمر، والقائد الذي لا يُطاع أمره يهتز ملكه وينهار، والحياة الزوجية لا يمكن أن تسير بصورة طبيعية والزوجة تعاند زوجها في كل كبيرة وصغيرة، ولا تطيعه في كل أمر.

ولا تعني طاعة الزوج تسلطه على زوجته، أو تعنّته، وإنما تعني تنظيم الحياة الزوجية، وسيرها سيرًا طبيعيًا، بحيث يكون هناك ربان واحد للسفينة، حتى لا تهددها الأمواج، وتعصف بها في بحر الحياة المليء بالعواصف، ولقد دلت الأحاديث الشريفة على أن طاعة المرأة زوجها من أفضل القربات إلى الله تعالى، وأنها طريق إلى الجنة.

فقد جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي! إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء، أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع، إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك، وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا، أو مرابطًا، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟!

فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: "هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه". فقالوا: يا رسول الله! ما ظننا أن المرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال: "انصرفي أيتها المرأة، وأعْلمي مَن خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكنَّ لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، تعدل ذلك كله". فأدبرت المراة وهي تهلل وتكبر استبشارًا.[رواه البزار].

ولتنظر الزوجة إلى حرص النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخير، وعلى منافسة الرجال في السباق نحو الجنة!! وإلى فرحة المرأة بأن طاعة الزوج، وحسن التبعل له، لها ثواب عظيم وأجر كبير!!

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها – زوجها – دخلت من أي أبواب الجنة شاءت".[رواه أحمد وابن حبان].

2- حفظ أسرار الزوج :

من الأمور التي يجب أن تنبه الأم عليها ابنتها المقدمة على الزواج ضرورة حفظ أسرار زوجها وأسرار بيتها، وعدم إفشاء سر زوجها لأي شخص، فضلاً عن حفظ أسرار الفراش، فإن هذا ألزم وأوجب؛ لأن إفشاء أسرار الفراش يتضمن إفشاء السر بالإضافة إلى الفضيحة، وهو أمر لا يقره عاقل، ولا يفعله إلا بعض الجاهلين أو الفاسقين.

ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم، ونحن من بعدهم من خطورة إفشاء أسرار الفراش بالذات فقال: "لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها". فأرم القوم (يعني سكتوا)، فقامت امرأة فقالت: إي والله يا رسول الله، إنهنَّ لقلنَ، وإنهم ليفعلون. قال: "فلا تفعلوا، فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون".[رواه أحمد والطبراني ].

كما إن إفشاء سر الزوج، أيًّا كان هذا السر، يسبب الكثير من المشاكل، وقد يتسبب في خراب البيوت، فيجب على المرأة حين تعلم شيئًا من أمور الزوج لا يريد أن يعرفه أحد غيرها ألا تخبر به أحدًا مهما يكن قريبًا منها، وكذا لا تفشي أي سر من أسرار بيتها لأحد مهما يكن، ولتتعلم ضبط اللسان؛ لأن فلتة لسان قد تورد المهالك.

3- حسن تدبير المنزل :

ولا شك أن مهمة الزوجة تشمل حسن تدبير المنزل، والقيام بأعبائه حق القيام، ورعاية الأولاد، وينبغي أن تتعلم الفتاة قبل الزواج مهام تدبير البيت، من إعداد للطعام، ونحو ذلك من الأمور اللازمة والضرورية، وخدمة الزوج والقيام بشؤونه.

يقول أنس رضي الله عنه: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زفُّوا امراةً إلى زوجها يأمورنها بخدمة الزوج، ورعاية حق، وتربية أولاده....".

وهذا لا يمنع من مساعدة الزوج زوجته في شؤون المنزل، إن سمحت بذلك ظروفه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج كأنه لا يعرفهم ولا يعرفونه، وهو كناية عن إسراعه إلى تلبية نداء الحق.

4- حفظ الزوج في غيابه :

فالمرأة الصالحة هي من تحفظ زوجها في غيابه عن البيت، فتحفظ نفسها من أن يتعرض لها أحد بكلمة، ولا بنظرة، وذلك بأن تلتزم الأدب الإسلامي الرفيع، ولا تُدخل البيت أحدًا لا يرضى الزوج دخوله، ولا تذهب إلى مكان من غير إذنه، وتحفظ ماله من الضياع، ولا تسرف فيه.

5- عدم الامتناع عن فراش الزوج:

وكذا ينبغي أن تتعلم الفتاة المقبلة على الزواج، أنه إذا طلبها زوجها للفراش ينبغي أن تلبي طلبه، ولا تمتنع عنه، إلا لعذر مقبول شرعًا، أو لمرض ونحوه، أما في الأحوال العادية، فيجب أن تلبي رغبته، ولا تمتنع عن فراشه، ولتعلم أن في امتناعها عنه ذنبًا كبيرًا، وإثمًا عظيمًا. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".[رواه البخاري ومسلم].

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا الرجل دعا زوجته لحاجته، فلتأته، وإن كانت على التنور".[رواه الترمذي وقال حسن غريب، ورواه ابن حبان].

والأحاديث تدل على وجوب تلبية المرأة رغبة زوجها في الجماع، حتى وإن كانت منشغلة بأمور منزلية مهمة، مثل الخبز على الفرن مثلاً، ونحو ذلك، وعدم ترك الزوج أو تجاهل طلبه.

ولتعلم الزوجة أن الرجل يمكن أن يرى شيئًا يستثير شهوته، فيريد أن يطفأ هذه الشهوة بأن يأتي زوجته، وهذا هو الطريق الصحيح، كما وصفه الحبيب صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن المرأة إذا أقبلت، أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأتِ أهله، فإن معها مثل الذي معها".[رواه مسلم ].

والمسلم مأمور بغض البصر، لكن قد تقع عيناه على ما يحرك شهوته من امرأة غير زوجته بدون قصد منه، فليأتِ زوجته لتسكن شهوته.

كتاب " أخطاء شائعة في تربية البنات "

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

معاً .. نربي ونعلم

وكان أبوهما صالحا

تربية الأبناء مسؤولية عظيمة على عاتق الآباء والأمهات، أمرهم الله بها، ودعاهم إليها في قرآنه فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا...المزيد