الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصبية والغضب والاكتئاب والكسل .. نظرة نفسية وعلاج دوائي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

مررت بمشاكل كثيرة منذ زواجي، وصدمت في زوجي كثيراً، رغم أنني كنت أعاملة أحسن معاملة، والله شهيد على ذلك، ولكنه كان يعاملني معاملة سيئة، ولكن منذ عامين كذب عليّ وخدعني، فأصبحت لا أثق به وأبكي كثيراً لما حدث معي، وأصبحت عصبية جداً، وخصوصاً على أولادي، وأضربهم رغم أنهم لا يستحقون ذلك، وأتعصب لأتفه الأسباب ولا أركز في أي شيء أفعله حتى في صلاتي أتوه بعدد ركعاتي! كم سجدة سجدتها، وأنسى ما أقوله، وأصبحت أنسى بطريقة صعبة.

فأرجوكم أريد نسيان الماضي، ماذا أفعل؟

وأريد دواء للعصبية ضرورياً، وهذا العلاج أن لا يؤثر عليّ كزوجة وأم ودراستي الجامعية.

كما أنني سمعت أن تلك الأدوية تسبب النوم كثيراً، وأيضاً السمنة، ولكنني أتمنى أن يوصف لي علاج لا يوجد به تلك الأعراض كي أقوم بواجباتي اليومية، علماً بأنني أصبحت كسولة جداً لا أريد عمل أي شيء، أقوم بأعمالي المنزلية ببطء، أنزعج من أقل صوت، وأحياناً لا أريد أن أسمع صوت أحد حتى مجرد الحديث معي.

فأرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هذه الانفعالات التي تحدث لك والعصبية والتوتر هي مقترنة اقتراناً وثيقاً بعسر المزاج الذي أصابك، والذي أعتقد أنه تحول إلى درجة اكتئابية بسيطة.

فأيتها الفاضلة الكريمة لا شك أنك في حاجة إلى العلاج الدوائي، ولكن بجانب ذلك لابد أن تكوني إيجابية في تفكيرك، أن تكوني صبورة، وأن تعرفي كيف تديرين الغضب، واعرفي أيتها الفاضلة الكريمة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، فاملكي نفسك عند الغضب خاصة حين التعامل مع ذريتك، وتذكري أنهم نعمة من نعم الله تعالى، وبالنسبة لزوجك مهما أساء إليك حاولي أن تتسامحي وحاولي أن تكرميه، وحاولي أن تقدريه، فالمرأة الذكية هي التي تحفظ زواجها في مثل هذه الصعوبات.

أنا لا أريد أبداً السلبيات والأفكار المشوهة أن تتسلط عليك، مهما وجدت صعوبات، فهنالك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، والماضي هو عبرة وهو خبرة وهو تجربة وهو عظة، المهم هو الآن الحاضر، وكذلك المستقبل الذي أسأل الله تعالى أن يجعله لك كله خيراً وبركة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: سوف أصف لك أدوية طبية جدّاً سليمة ومفيدة، وغير إدمانية وغير تعودية، ولا تزيد النعاس أو الكسل، وفي نفس الوقت إن شاء الله لا تؤثر مطلقاً على وزنك.

الدواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) ويعرف في مصر تجارياً باسم (فلوزاك Flozac)، ويعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)؛ أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرين مليجراماً (حبة واحدة) تناوليها يومياً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، وبعد ذلك ارفعي إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراماً – ولابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول هذه الجرعة، وبهذه الكيفية التي وصفناها لك، وبعد مضي ثلاثة أشهر من الاستعمال المستمر على كبسولتين من البروزاك أرجو أن تخفضيها إلى كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك خفضيها إلى كبسولة واحدة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

البروزاك هو الدواء الأساسي لك، وبفضل الله تعالى اتضح حتى سلامته أثناء الحمل ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، كما أنه لا يزيد الوزن كما ذكرت لك ولا يزيد النعاس، بل على العكس ربما يعطي طاقات نفسية وجسدية جديدة.

بجانب الفلوزاك هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أريدك أيضاً أن تتناوليه كدواء مصاحب ومساعد، والجرعة المطلوبة هي نصف مليجرام – أي حبة واحدة – في الصباح، تناوليها لمدة شهرين فقط، ثم توقفي عنه، واستمري على الفلوزاك بالصورة التي وصفناها لك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أريدك أيضاً أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، هي تمارين مفيدة جدّاً، خاصة تمارين التنفس التدرجي أو قبض العضلات واسترخائها بتدرج أيضاً فيها خير كثير.

يمكنك أن تتدربي على هذه التمارين من خلال التصفح على أحد المواقع بالإنترنت، أو الحصول على كتيب أو شريط أو (CD) من أحد المكتبات الكبرى، وأفضل من ذلك كله إذا تعرفت على أخصائية نفسية يمكنها أن تدربك على هذه التمارين.

أيتها الفاضلة الكريمة: إدارة الوقت بصورة طيبة تساعد الإنسان دائماً على الفعالية والنجاح وإزالة الكسل، كما أن الرياضة اتضح الآن أن فوائدها ومكاسبها العلاجية النفسية والجسدية كبيرة جدّاً، فاحرصي على ذلك.

بالنسبة للأطفال تذكري دائماً أنهم نعمة عظيمة، وأنا أجد لك العذر حقيقة في هذه الانفعالات، لأني أعرف أن الانفعال الزائد ينتج من القلق ومن الاكتئاب كذلك، وأود أن أذكرك بما ورد في السنة النبوية حيال الغضب: حين تحسين بالمشاعر الأولى له استغفري الله، احمدي الله، استعيني بالله، غيري مكانك، غيري موضعك، اتفلي ثلاثاً على شقك الأيسر بدون ريق، وتوضئي وصلي ركعتين.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا كثيراً ما أذكر هذه الحادثة للأخوة الذين يتواصلون معي وأود أن أذكرها لك: أتاني أخ عزيز في العيادة وكان يعاني من انفعالات وسرعة شديدة في الغضب، تحدثنا وتحاورنا بكل أريحية وقبول لكل واحد منا للآخر، وفي الأخير تحدثنا عن العلاج النبوي للغضب، ووجدته ملماً به بصفة نسبياً، ولكني حتمت عليه أن يمارسه، فمارسه، واتصل بي بعد أسبوع وقال لي (د. محمد، جزاك الله خيراً، فيا أخي الكريم، قد استفدت كثيراً من العلاج النبوي السلوكي لعلاج الغضب، وأصبحت الآن حينما يأتيني الغضب مجرد تذكري لهذا العلاج دون القيام به يجهض عني نوبات الغضب)؛ هذا أمر عظيم، فعليك أختي الكريمة بمثل هذا السلوك الذي أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر أطياف

    جزاك الله خيرا
    ساتتبع هذه الخطوات العلاجية واسأل الله الشفاء لي ولكل من يعاني من هذه الحالة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً