الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أسباب الثبات على التوبة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم وغفر ذنوبكم على هذا الموقع، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

كان لدي سؤال حول موضوع تنظيم الوقت، وبقراءة بعض المواضيع حول هذا الموضوع وجدت أن جل الناس لديهم هذا الموضوع المشكل، وبقراءة إجاباتكم -رعاكم الله - عرفت أهمية الوقت في حياة الإنسان، خاصة في هذا العصر، عصر الفتن والمعاصي العلنية.

الحمد لله قد منّ الله علي بالتوبة والرجوع إلى الطريق الصحيح، وأريد استشارتكم، هل أقوم باعتزال الأصدقاء، والخروج من المنزل كثيراً حتى أثبت على الطريق الصحيح؟ وما هي الخطوات التي أتبعها لكي لا أعود إلى ما كنت عليه؟

ادعوا لي بالتوبة النصوح، والهداية إلى طريق الرشاد، وجزاكم الله كل خير، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أدلهاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب، ونحن في ابتداء الأمر نهنئك بالتوبة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها منك وأن يتوب علينا وعليك، وكن على ثقة أيها الحبيب بأنك إن أحسنت في توبتك فإن الله عز وجل سيكافئك عليها بكل خير، فإنه سبحانه وتعالى يُحب التوابين، بل ويفرح سبحانه وتعالى بتوبة عبده إذا تاب إليه، يفرح كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أشد الفرح، وليس ذلك لحاجة في العبد، ولكنه يفرح ليكافئ هذا العبد ويُكرمه ويجزل له الثواب والعطاء على توبته، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك التوبة الصادقة النصوح، وأبشر بمحو الماضي السيئ فإن التوبة تجب ما قبلها وتمسحه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

من أهم ما يعينك أيها الحبيب على الاستمرار في الاتجاه الصحيح والثبات على الخير بعد توبتك:،تغيير البيئة التي كنت فيها في زمن المخالفة والمعصية، وقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه: قصة رجل ممن كان قبلنا من الأمم ارتكب جرائم كبرى فقتل مائة نفس، ثم تاب، فأخبرنا عليه الصلاة والسلام بقصته كيف تاب، وبماذا نُصح لنأخذ منها العظة والعبرة.

يقول أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان في من كان قبلكم رجلٌ قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومَن يحول بينه وبين التوبة! انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أُناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مُقبلا بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاه ملَكٌ في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، إلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه هو أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة).

هذا الحديث العظيم أيها الحبيب يُبين لك أهمية تغيير بيئة الإنسان التي كان يعصى الله تعالى فيها، فإن هذا الرجل العالم قال له: اذهب إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولهذا نحن ننصحك أيها الحبيب بأن تتعرف على الرجال الطيبين وستجدهم في المساجد وفي حلق الذكر، ستجدهم في صلاة الجماعة، حاول أن تتعرف عليهم وتقيم معهم علاقات ليكونوا بذلك غُنية لك إن شاء الله عن رفقاء السوء.

الوصية الثانية أيها الحبيب: حاول أن تشغل نفسك بالنافع، فتملأ أوقاتك بما ينفعك في دينك أو في دنياك، ومن أهم ما ينفعك الاهتمام بالتعلم العلم الشرعي، فحاول قدر الاستطاعة أن تتعلم ما يهمك من أمر دينك كأمر صلاتك وأمر عقيدتك، وفي موقعنا -ولله الحمد- الكثير من المواد المسموعة في المواعظ والدروس العلمية، وكذلك في المواقع الخيرة الطيبة كموقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – تجد إن شاء الله الكثير مما ينفعك، فتقضي أوقاتك في تعلم العلم، وهذا شأنه عظيم وأجره كبير، فإن طلب العلم الشرعي من أجل الطاعات والقربات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى.

الوصية الثالثة: حاول الإكثار من الطاعات أيها الحبيب، من الصلوات وغيرها من الطاعات، وأكثر من الاستغفار، وكن على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى يُبدل بالاستغفار حالات الإنسان من ضيق إلى سعة ومن ذنب إلى طاعة ومن ظلمة إلى نور ومن شقاء إلى سعادة، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))[نوح:10-12].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبنا وإياك على الخير، وأن يُسهل لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً