السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي ثلاثة استشارات مختلفة - بارك الله فيكم -.

الاستشارة الأولى: تتعلق بخجلي وهدوئي الزائد, وصراحة أنا أرتاح لهدوئي, وخجلي يساعدني على الالتزام بطاعة الله, ولكن أهلي لا يعجبهم هدوئي، وخاصة أنني فقدت التواصل مع من كانوا يتواصلون معي، وعندما ملوا من هدوئي الزائد قطعوا التواصل, ورغم كثرة هدوئي بدأت أتواصل معهم وأتحدث معهم ولو قليلاً.

طفولتي كانت صعبة، بدأت أخسر صديقاتي وأنا في الأول ابتدائي, بظروف انتقالي من مدرسة إلى مدرسة, وبظروف أخرى كثيرة, إنها قصة طويلة ولا أريد الإطالة عليكم - بارك الله فيكم - لكني حتى الآن لم يعد لدي صديقات من يسألن علي دائماً أو يتواصلن معي كثيراً, وصراحة ليس لدي سوى صديقة واحدة تعرفت عليها عبر "الإنترنت" وأصبحت أشعر إنها هي أيضاً تريد الرحيل؛ لأن سكوتي أصبح لا يعجب أحداً، ومواضيعي القليلة أصبحت غير مسلية.

في الماضي كنت أهتم بتعقيبات الناس على سكوتي عندما أتلقى كلمات قاسية، وهذا كان قبل أن أشفى من حالتي النفسية, ولكني الآن - الحمد لله - أصبحت لا أهتم بأمر الناس كثيراً, وأريد أن أتغير، لا لأجل الناس ولكن لأجل ربي, فهوا الذي يعلم الحالة القاسية التي عشتها، ولست ملزومة برضى الناس, ولكن أريد أن أتحدث أكثر، لأنني منذ صغري أحلم أن أكون داعية إسلامية، وهدوئي الزائد لا يصلح لهذا المجال, أسألكم الدعاء.

مشكلتي أيضاً أريد أن أعود إلى الكلية، ولكن أريد طريقة تساعدني بأن أكون اجتماعية، وأن لا أظهر بشخصية ضعيفة, وأتحدث دون أن أشعِر الناس بملل من ناحيتي, لأنني لا أريد أن أنجرح، وأريد أن أفوز بصديقات صالحات لا يمللن من هدوئي الزائد.

الاستشارة الثانية: تتعلق بحالتي عندما أتكلم مع أشخاص أعرفهم أو لا أعرفهم، تأتيني حالة ارتباك، بمعنى عندما أتحدث وأحرك يدي كثيراً، وأعطي إشارات قبل أن أقول ما أريد قوله, وأحياناً أتلعثم في الكلام ولكن بدرجة خفيفة, وأشعر بخجل عندما تحدث لي هذه الحالة، ولا أعرف كيف أتجاهلها، وفي مرات كثيرة أفضل السكوت على الكلام, وأحياناً عندما أتكلم كثيراً أمل من الكلام وأعود لسكوتي، لكنني أضطر للكلام في مواقف كثيرة، وأشعر بالخجل خاصة عندما يطلب مني التحدث أمام ناس إن كنت أعرفهم أو لا أعرفهم.

وعندما أتوتر أغير جلستي مراراً وأحرك رجلاي كثيراً، وتزداد هذه الحالة عندما أتحدث مع الذكور وحتى مع إخواني الشباب، أخجل عندما أتحدث معهم لدرجة أنني أحياناً أمسك بذراعي أو أي مكان في يدي وأبدأ بحكها أو بقبصها، ولكن ليس بقوة، فقط تحمر يداي قليلاً، ولا أدري كيف أتخلص من هذه الحالة خاصة إنني أريد العودة إلى دراستي، وأنا أعيش في بلاد الغرب والكليات هنا مختلطة.

الاستشارة الأخيرة: لاحظت منذ بضعة شهور أن قلبي ازداد خفقانه، لدرجة أنني أشعر أحياناً أنه سيقف مرة واحدة وينتهي عمري! وأشعر بهذا الأمر عندما أكون قلقة من أمر أو أفكر في شيء أريد فعله ولا أستطيع فعله، وكلاهما خير بإذن الله، فأنا أريد أن أسعى لما يرضي الله، ويخفق قلبي بدرجة عالية عندما أغضب أو أصرخ أو يخانقني شخص ويصرخ بي, يرتجف جسمي ويبدأ قلبي بالخفقان.

أرجو أن تعذروني على الإطالة، وجزاكم الله خيراً كثيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S.A حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فالحقيقة أن استشاراتك الثلاث غير منفصلة، وإن كانت تلقي الضوء على ذات المشكلة من زوايا متعددة، وهي أكثر من ثلاث.

أولاً: يبدو أن لديك صعوبات من الكثير مما يعاني منه أبناؤنا من المسلمين من الجالية المسلمة التي تعيش في بلاد الغربة، وخاصة الفتيات منهم والكثير من الفتيان، وهي تتعلق بقضية الهوية والاندماج، والعيش في مجتمع ليس فقط غير إسلامي، وإنما قد يكون متنكراً للإسلام ومعادياً له، وربما الكثير من حل هذه الصعوبات هو الاقتراب أكثر من بعض أخواتك من بنات الجالية، وخاصة الصالحات منهم، وهناك الكثير منهن - ولله الحمد - ويختلف هذا من مكان لآخر، ومن مدينة لأخرى في المملكة المتحدة، ومن الصعوبات القريبة من هذا الأمر السابق هي العلاقة بين الجنسين وسط الجالية المسلمة.

أريد أن نبدأ بنقطة ربما تكون هي سبب الحل وتغيير الأمور، لقد أبديت رغبة بالعودة للكلية ومتابعة الدراسة، ومن سنك أقدّر أنك ربما تريدين متابعة الدراسة في الجامعة، ربما .. ولم لا؟ فمتابعة دراستك ستفتح لك أبواباً كثيرة مما يحسّن ظروفك النفسية والاجتماعية وغيرها، فإنك كلما تجنبت مثل هذه الأمور وانعزلت عن المجتمع، كلما أصبح عندك المزيد والمزيد من الأوقات لتصرفيها في التفكير في الأمور الداخلية، والتي ربما لن تغير شيئاً في حياتك.

إن متابعتك للدراسة ستتيح لك اللقاء بالناس، وهذه فرصة ذهبية لإيصال إسلامنا العظيم والجميل للناس، وخاصة أن من طموحاتك أن تصبحي من الداعيات - بإذن الله -.

بعض الأعراض التي ذكرت من حالات حادة من الارتباك والقلق وتسارع نبضات القلب، والتعرق، وغيرها ... كلها أعراض لحالة من القلق ونوبات الذعر، والتي ربما قرأت عنها الكثير في العديد من الإجابات على أسئلة من يكتب إلينا على هذه الشبكة مستشيراً.

ما ذكرت عن الهدوء الذي عندك ليس بالضرورة أن يكون أمراً سلبياً، فهناك الكثير من الناس الذين يوصفون بالهدوء الشديد، وهم من الناجحين والمتفوقين في الحياة، وهناك الكثير من المهن والتخصصات التي تحتاج للإنسان الهادئ، كالصيدلة والأدب واللغات وكثير غيرها، بل حتى الدعوة والعمل مع الناس تحتاج للكثير من الهدوء.

أنا مسرور مما ذكرت من أن التغيير الذي قمت به، أو الذين تريدين تحقيقه هو من أجلك أنت أولاً وليس من أجل الآخرين، والناس مهما فعلت فقد لا يرضون، ويريدون غير ذلك، وأحياناً حتى أسرتنا القريبة منا، ووددت لو أن أسرتك كانت أكثر تشجيعاً لك، ولكن لا بأس فهي كما هي عليه، وأمرك بشكل أساسي هو في يدك، كما يقول الله تعالى: {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} فالأمر في يدنا وليس في يد غيرنا.

وأريدك أن تقرئي بعض إجابات بعض من كتب إلينا وأجبناه على هذه الشبكة، حول طريقة التكيف مع الرهاب الاجتماعي، ونوبات الذعر.

وفقك الله ويسر لك الخير، وأرجو أن تشاركينا أخبار نجاحات نشاطك الدعوي، وخاصة أخبار النجاحات الصغيرة جدا.