الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا شديد الإحباط وأفكر باستخدام اللوسترال مع البروزاك والأفكسور فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله,.

أشكركم على هذا الموقع المبارك, مشكلتي هي:

أنا الآن أستخدم اللوسترال 3 إلى 4 حبات يوميا, وكنت قبلُ أستخدم أفكسور, وكان مفعوله واضحا جدا؛ حيث كنت أشعر براحة, وهدوء نفسي, وعدم مبالاة بشيء, وكان له إيجابيات وسلبيات, ومن سلبياته اللامبالاة بشيء, حتى العمل, ثم انتقلت إلى اللوسترال, ومنذ تسعة شهور إلى الآن لا أحس بأنه مفيد لي لدرجة كبيرة, رغم حرصي وانتظامي عليه, والجرعة تصل إلى أربع حبات باليوم, وسؤالي:
أفكر الآن بتناول الأفكسور, مع اللوسترال, مع البروزاك, بحيث تكون الجرعة حبتين لوسترال, وحبتين أفكسور, وحبتين بروزاك.

وأحب أن أذكر لك شيئا عني, فأنا متزوج, ولدي خمسة أبناء, متقلب المزاج باستمرار, تشاؤمي بكلامي وتوقعاتي, حساس, وانطوائي بشكل كبير, وخلال الخمس سنوات الأخيرة مرت علي مجموعة من المشاكل الكبيرة, من خسارة رأس مالي, وتراكم الديون, وما تبعها من مشاكل وقضايا؛ مما زاد من انطوائيتي, وهروبي عن مجتمعي, وكذلك وفاة والدي -رحمه الله- الذي كان الوالد والصديق والأخ والشريك وو...

وقد حدث بيني وزوجتي مشكلة كبيرة وصلت إلى حد الطلاق, وعدنا, ومازال بخاطري عليها الكثير؛ لصدمتي بما بدر منها, وتحملتُ لأجل أطفالي, ليس لي أصدقاء دائمون مقربون, كرهت عملي ومَن حولي بسبب تركهم لي في أصعب الظروف, وأحس الآن أني فاقد الحماس والأمل, ولدي شعور شديد بالإحباط, وبعدم الرغبة بعمل أي شيء, أتمنى أن أعود إلى نشاطي, وحماسي, ونجاحاتي السابقة, ولكن يقتلني الإحباط, والتفكير التشاؤمي, وانعدام الحماس, فلماذا أعمل وأتعب وأحرم نفسي وفي الأخير لأن أجد أحدا يقف أو يقدم شيئا لي؟!
زوجتي أحس أنها أول من ستقف بعيدة عني -لو حصل واحتجتها- وكذلك أولادي وإخواني؛ حيث جربتهم, وصدمت بتخليهم عني, رغم حبي للخير, وبذلي, ووقوفي مع الجميع, وكذلك أنا دائم التفكير بوالدي -رحمه الله- ودائم التفكير بحالة المطلقات, وكبار السن, والعمال المغتربين عن أهلهم, والفقراء, وأحرص على مساعدة من أستطيع مساعدته.

وللعلم -يا دكتور- فقد استخدمت في الخمس سنوات الأخيرة مجموعة أدوية, منها: البروزاك, والزيروكسات, والسبرالكس, والفافرين, وغيرها كثير.

أنا أُشخِّص حالتي بأن لدي اكتئابا شديدا, مع رهاب اجتماعي شديد, مع عين, أو سحر, , أو...

أعتذر لأني أطلت عليك, ولكن مثلك يعذر أمثالي.

جزاكم الله خيراً, وأدام عليكم نعمة الصحة, وشكراً, وبانتظار ردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإني أبدي تعاطفي معك، وأسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك، وأسأله تعالى أن يعوضك خيرًا فيما فقدته من مال، وأن تجد ما هو خير من المال.

الاكتئاب دائمًا يجعل الإنسان تشاؤميًا في تفكيره، والتشاؤم أحد عواقبه السلبية هو أنه يؤدي إلى المزيد من الشعور بالكرب والكدر؛ لذا يجب على الإنسان أن يتذكر الإيجابيات الموجودة في حياته، ومهما كانت هنالك سلبيات فلابد أن توجد إيجابيات أيضًا، فأنت مثلاً -جزاك الله خيرًا- أقدمت على إرجاع الزوجة, وفكرت في الأبناء، ووجود الذرية نفسه نعمة كبيرة من رب العالمين، وكونك تغاضيت وتجاوزت فيما يخص المشكلة التي بينك وزوجتك وحاولت أن تصلح الأمر، هذه إيجابية عظيمة جدًّا، يجب أن تقدر فعلاً العمل الإيجابي الذي قمت به، وهذا شيء طيب وجميل، لا تستصغر مثل هذه التصرفات الإيجابية، فهي مهمة جدًّا، وأنت -أخي الكريم- رجل وهبك الله الكثير من الرحمة في قلبك، تُفكر في والدك – عليه رحمة الله – ودائم التفكير في حال المطلقات, وكبار السن, والمحتاجين من الناس؛ فهذه رحمة عظيمة من رب العالمين، وهذه إيجابية كبيرة وعظيمة يفتقدها الكثير من الناس، أو حتى الذين لديهم مثل هذه السمات, أو ما يشابها تجدهم لا يقدرونها التقدير الصحيح.

فأنا أقول لك أنت بخير، ومهما ضاقت -إن شاء الله تعالى- سوف تُفرج، والتفكير الإيجابي هو وصيتي لك، والدعاء مهم وضروري.

أما بالنسبة لموضوع السحر والعين: فهذا الموضوع نسمعه كثيرًا، وأنا أؤمن بوجود السحر, وبوجود العين والحسد، لكن الذي قد أختلف فيه مع بعض الناس أن هذا الأمر حملناه أكثر مما يجب، والإنسان يعرف, ويجب أن يدرك, ويجب أن يقتنع ويؤمن إن كان يوجد سحر أو عين، فتوجد -إن شاء الله تعالى- المقومات الإسلامية الرصينة لعلاج مثل هذه الظواهر؛ فالإنسان يقرأ على نفسه، يتحصن، يُكثر من الأذكار، ويعرف بالنسبة للسحر أن الله سيبطله, وأن الله خير حافظا، قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وقال تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}، وأن يأخذ بالأسباب, ويتوكل على الله: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} وانتهى الأمر على هذا, والمسلم حتى وإن لم تساوره الشكوك حول العين والسحر يجب أن يحصن نفسه، يجب أن يكون في معية الله، وهذا مطلوب من المسلم في كل آنٍ وحين؛ فهذا الموضوع لا تشغل نفسك به، العلاج واضح في هذا السياق، وكل الذي أنصحك به هو الحرص على صلواتك, والدعاء, والأذكار, وتلاوة القرآن، وسل الله تعالى أن يحفظك, ليس أكثر من ذلك أبدًا.

أنا أعتقد أن أعراضك أعراض اكتئابية بحتة، وتفاعلك الظرفي للتغيرات الحياة السلبية التي تواجهك زاد من معدل هذا الاكتئاب، لكني -وحسب ما ذكرت لك سابقًا- متفائل جدًّا, وأعرف أن تذكرك -إن شاء الله تعالى- لما هو إيجابي في حياتك سوف يجعلك تتغلب على ما هو سلبي.

بالنسبة لعلاجك: أنا بالطبع لا يمكن أن أنصحك أبدًا بأن تتناول كل هذه الأدوية التي ذكرتها مع بعضها؛ فهذا لا يوجد له مستند علمي، على العكس تمامًا هذه الأدوية قد تتفاعل مع بعضها البعض بصور مختلفة وسلبية, وأنا أقولها بكل تواضع بأني أتبع المدرسة الإنجليزية التي ترى أن أفضل وسيلة فيما يخص العلاج الدوائي هي أن يستعمل الإنسان دواء واحدا أو دوائين في كثير من مثل هذه الحالات، بشرط أن تكون الجرعة صحيحة، وأن نكون متأكدين من التشخيص، وأن يكون هنالك التزام بتناول الدواء، وأن تكون مدة العلاج محددة, ويلتزم الإنسان بها، أضف إلى ذلك ضرورة اتخاذ الأساليب العلاجية الأخرى، ومن أهمها -كما ذكرت-: التفكير الإيجابي، إدارة الوقت بصورة طيبة، تغيير نمط الحياة... إلخ، هذا كله علاج, وإن شاء الله تعالى أنت تأخذ بذلك.

إذن لا داعي أبدًا لأن تتناول الإفكسر, واللسترال, والبروزاك، هذا حقيقة أنا لا أؤيده أبدًا، فأنت ربما تكون محتاجًا لأن تنتقل لدواء جديد مثل (الفالدوكسان) مثلا، فهو دواء طيب، ويمكن أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا فقط، حبة واحدة، تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر إذا لم تتحسن يمكن أن ترفع إلى حبتين في اليوم، ليس أكثر من ذلك, والدواء سليم، قد يسبب لك غثيانا بسيطا في الأيام الأولى، وعليك أيضًا أن تتأكد من أنزيمات الكبد ففي حالات قليلة قد يرفع من أنزيمات الكبد، وإن حدث هذا فهو ليس أمرًا خطيرًا، فقط يتطلب المتابعة.

بالنسبة للتسرال يجب أن تتوقف عنه تدرجًا، إذا أردت أن تنتقل للفالدوكسان كما نصحتك، وإن قابلت طبيبًا نفسيًا فهذا أفضل.

نسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً