الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف خوفا شديدا من أن أصاب بمرض الربو، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا دكتور أنا صاحبة الرسالة التي أخبرتك فيها أني أخاف الربو بعد إصابة والدتي، يا دكتور أنا أود أن أخبرك بأن هذه المخاوف تجعلني لا أستمتع بملذات الحياة وأحزن، وأريد أن أسأل، أنت قلت أنها مخاوف بسيطة، إذا ستختفي، كيف تختفي؟ ومتى؟

وأريد أن أتغلب عليها بدون أدوية، أرجوك أنا أصبحت إذا أحسست أني سأكح أتوتر، وأصبحت آخذ نفسا ثلاث مرات أو أكثر من الخوف، هل ستذهب لوحدها؟ أقصد إن التفت لأشياء أخرى هل ستذهب من تلقاء نفسها؟

والله يا دكتور أنا أصبحت أتضايق وأحزن لا أريد أن أكون هكذا، أريد أن أتغلب عليه سريعاً دون أدوية، وأنا مرضع وطفلي عمره سبعة أشهر.

كنت قد أخذت إجازة من ثلاثة أشهر، وكان عندي فراغ كبير وزاد خوفي من الربو منذ تلك الإجازة، وأصبحت أركز في أشياء لم أكن ألتفت لها قبل، ومرات أجلس أتخيل أني سمعت صوتاً في صدري وأخاف جداً، أشعر أني يمكن أن أصبح مجنونة إن أتاني الربو حقيقة.

والله تعبت والله!! يا دكتور أرجوك هل ستختفي هذه المخاوف سريعاً؟ كيف أتغلب على هذا الشعور، أنا كنت أخاف منه منذ سنوات، لكن ليست لهذه الدرجة التي زادت في إجازتي من عملي، علماً بأن الإجازة التي أخذتها لا علاقة لها بخوفي، ولكن كانت عندنا مناسبة زواج بالإضافة إلى أني كنت أريد أن اخذ راحة من دوامي ليس إلا، ولكني ندمت أني أخذتها بعدما زاد خوفي منه.

هل أنا مريضة يا دكتور؟ أنا مرات أحاول أتجاهل وأنجح، ولكن مرات نادرة أركز فيها لدرجة أني أقول لا أريد أن تأتيني كحة أو غيره لأني لا أريد أن أخاف، عندما أنظر لأولادي أبكي لأني أم ضعيفة، لماذا أنا هكذا؟ أنا عندي فراغ بالساعات يومياً، كيف أشغل نفسي في البيت؟ لا أستطيع الذهاب لحلقات القرآن، هل الحسد أو العين يسببون ذلك الخوف؟ وخلال كم من الفترة سيختفي خوفي هذا إن استمريت بتحقيره وتجاهله وانشغالي بأشياء أخرى؟

أسألك بالله يا دكتور والله أنا أصبحت حزينة، أحيانا بسبب هذا الشيء، ومرات أتذكر أني خفت منه واستغرب لماذا.

عندما أشعر بألم في حلقي أو أحسست بأن أعراض البرد ستأتي أخاف وأقول ستأتيني وسأخاف وهكذا، إلى أن أبكي كل هذا قبل أن يحصل شيء، ولكن استرسل بالفكرة وأبكي أحيانا في نهايتها، ساعدني لكن دون أدوية أرجوك، وسؤالي لماذا دائماً تصفون الأدوية؟ هل لا أشفى من الأفكار هذه والمخاوف إلا بالأدوية؟ معقول! علماً بأني تغلبت على وساوس وأفكار كانت تأتيني في إجازتي بالأذكار ولله الحمد ذهبت، ولكن بقي هذا، أعني على ضعفي يا رب.

جزاك الله خيرا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

المخاوف مقسمة إلى مخاوف بسيطة ومخاوف اجتماعية وأنواع أخرى من المخاوف، وحين نقول مخاوف بسيطة لا نعني أن الخوف هو في نفسه بسيط، لكن نعني أنه محصور في موضوع واحد، وأنت خوفك الوسواسي حول الربو، ولذا نستطيع أن نقول أنه قد استوفى المعايير التشخيصية لنسميه بالمخاوف البسيطة.

باطلاعي على رسالتك هذه لاحظت أن مشكلتك ليست في الخوف فقط من الإصابة بالربو وهو لاشك أن الخوف وسواسي، لكن لديك شعور عام بالقلق لديك شعور بأنك ليس مقدرتك لإدارة وقتك، ويوجد شعور عام بالإحباط، وأنا أقول لك أن هذه الحالات إن شاء الله كلها يمكن علاجها.

بالنسبة للعلاج الدوائي مهم ومطلوب وهو مكون رئيسي حقيقي للحالة القلقية والوجدانية بصفة عامة، وذلك استناداً إلى أبحاث كثيرة قد لا يسع المجال لذكرها، لكن المريض له الحق أن يتخير وليس من حق الطبيب أن يفرض رأيه على الناس، هذا الوقت قد انتهى، الزمن الذي يفرض فيه الطبيب رأيه على الناس هذا أنا بالنسبة لي غير مقبول، الأمر يتم كله من خلال التفاكر والتفاهم والتحاور ما بين المريض وطبيبه، ومن ثم يتم الوصول إلى الرزمة العلاجية التي تساعد الإنسان، والعلاج الآن يقوم على مبدأ التعددية أي الجانب السلوكي والجانب الإرشادي والجانب الدوائي، وكذلك المهني، وكذلك الاجتماعي، وكذلك والأسري، كلها يجب أن تؤخذ مع بعضها البعض وهي متكاملة وإن كانت متعددة، فهذا هو الذي أقصده أحياناً حين أصف الأدوية، لكن القرار ليس للطبيب القرار النهائي للشخص الذي يطلب الخدمة.

ومن وجهة نظري الوسائل السلوكية سوف تساعدك كثيراً، وقد ذكر لك ذلك مسبقاً من خلال تحقير الفكرة لأنها فكرة سخيفة، من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء ( 2136015 )، وصرف الانتباه من خلال تنظيم وقتك، وأن تتذكري ما هو إيجابي في حياتك، وهنالك الكثير الذي يمكن أن تقومي به في أثناء اليوم والواجبات أكثر من الأوقات، وأن كنت لا تستطيعين الذهاب لحلقات القرآن ابحثي عن وسيلة أخرى لتعلمه ومذاكرته وتدبره، وتواصلي اجتماعياً ومارسي التمارين الرياضية حتى وإن كان ذلك داخل المنزل فهذه الوسائل العلاجية، والإنسان وهبه الله المقدرة على تغيير نفسه ووهبه الله إمكانيات كبيرة قد تكون مخفية، ولاشك أن السياق القرآني في هذا المجال واضح: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).

والذي أود أن أختم به هذه الرسالة هو: من الأفضل لك أن تذهبي وتقابلي أحد المختصين في الطب النفسي أو الحالة النفسية بصفة عامة، والحمد لله تعالى هم كثر وأنت تعيشين في دولة قطر والخدمات متميزة جداً في قسم الطب النفسي، كما أنه توجد الكثير من العيادات الخارجية المختصة.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً