الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخلصت من الرهاب بالعلاج السلوكي وبقى الحيوي، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعلم بأن الرهاب له علاجان: سلوكي وحيوي.. أما السلوكي فبمنة الله تخلصت من السلوكيات السلبية، وأصبحت بسلوكي إنسانا أكثر من عادي، ولكن أصبحت تواجهني المشكلة الحيوية.

فعندما أقابل الناس تبدأ أعراض الرهاب: (زيادة التنفس، ونبضات القلب، واحمرار الوجه، ونشفان الريق، والرعشة، وتغير الصوت، والتلعثم، وقليل من التعرق)، وكنت قبل ثلاث سنوات إنسانا آخر، كانت تأتيني أعراض الرهاب، ولكن ليست بشكل واضح، وكنت لا أتلعثم نهائيا، وأحب النقاشات مع الصغير والكبير، ولكنني الآن تحولت فأصبحت لا أقول كلمة إلا وأتلعثم، ودائما أفكاري مشتتة، وأحس أنه يصعب علي الحفظ.

أنا فسرتها على أنها بسبب الرهاب؛ لأنك لو أصبت بالخوف لا تستطيع التذكر، يزداد تنفسك ونبضات قلبك، ويحمر وجهك، وينشف ريقك وتتلعثم.

وأخيرا إخواني: هذه كلها تفسيرات من عندي، فلم أذهب لطبيب ولا لغيره، أنا أعطيتكم الأعراض، وأرجو من الله أن يتقبل دعائي، وأن أجد عندكم الدواء، حتى أشتريه من دون الذهاب للطبيب، ومن دون ورقة، علما أني لا أحب الذهاب للطبيب.

وأشكركم، وأنتظر ردكم على أحر من البركان!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
نشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وعرضك لأعراضك بصورة واضحة وجلية؛ وذلك بطرح أفكار إيجابية جداً، وهي أنك حاولت أن تفسر هذه الأعراض، وأنا أقول لك بالفعل أنها أعراض قلقية ناتجة مما نسميه بالخوف أو الرهاب أو القلق الاجتماعي، كلها مصطلحات متساوية ومتداخلة ومتوازية جداً، أيها الفاضل الكريم أنا أود أن أؤكد لك شيئاً مهما جداً، وهو أن هذه الأعراض برغم من أنك تحس بها به هذه الشدة وبهذه القوة لكن في حقيقتها هي أقل بكثير مما تتصور، كما أنها غير ملاحظة من قبل الآخرين، لا أحد يلاحظ أعراضك، وأعراضك هي خاصة بك جداً؛ لأنها ناتجة من تغير فسيولوجية داخلي، مثل الرعشة، قلما يرتعش الإنسان حقيقة في موقف اجتماعي، لكن يأتيه التهيئة بأنه توجد رعشة قد تكون هنالك شيء بسيط منها، لكنه ليس بالدرجة التي يضخمها الإنسان، وكذلك التلعثم .. والبعض يأتيهم الشعور بأنهم سوف يفقدون السيطرة على الموقف، أو أن الواحد سوف يسقط أرضاً؛ وذلك لأنه مصاب بالدوار والدوخة، تسارع ضربات القلب هي عملية فسيولوجية طبيعية ناتجة من إفراز زيادة في مادة الأدرالين، كما أن الاحمرار هو ناتج تدفق الدم بشدة، لكن هذه الاحمرار لا يكون بالحجم والصورة والنسق الذي تتصوره، فإذن أنا أريدك أن تصحح مفاهيمك، نعم! هنالك معناة لكنها داخلية وخاصة ويمكن أن تنتهي تماماً.

ومن أهم طرق العلاج هو تحقير هذه المظاهر والأعراض، ومن ثم الشروع في المواجهات، والمواجهات المتصلة، ومن أفضل المواجهات هو أن يبدأ الإنسان بأرحامه وجيرانه وأصدقائه، وأن يطور من مهاراته الاجتماعية، وذلك من خلال أن يبدأ بالسلام، وأن تحسن التحية، وأن تتبسم في وجه إخوتك، وأن تكون لك مواضيع تتطرق لها حين تقابل الناس، المداومة على الصلاة في الجماعة تعطي الإنسان شعور بالتلاحم والتواؤم والتمازج مع خير الناس وأفضلهم، وهذا في حد ذاته داعم نفسي كبير يقلل من الرهاب، أعرف أن الكثير من الذين يعانون من الخوف الاجتماعي يصعب عليهم الصلاة في الصف الأول مثلاً، لكن بالإصرار وبالتيقن بأن الإنسان لن يصيبه أي مكروه هنا أو هناك إلا بإذن الله.

بر الوالدين لسبب ما وجد أنه يقلل من الخوف الاجتماعي، فكن حريصاً على ذلك، وممارسة الرياضة بجميع أنواعها وأشكالها، خاصة الرياضة الجماعية، فيها أيضا صفة علاجية ممتازة، وتطبيق تمارين الاسترخاء نعتبره أيضا من الركائز الأساسية لعلاج الرهبة الاجتماعية، فأرجو أن تكون حريصاً على مزاولة هذه التمارين، يمكن أن تتحصل على كتيب أو شريط يوضح كيفية ممارسة هذه التمارين أو في هذه الاستشارة 2136015، لكن الأمر يتطلب منك الالتزام والجدية التامة.

أيها الفاضل الكريم بالنسبة للعلاج الدوائي؛ نعم هو مهم ومفيد، وأنت محتاج إلى جرعة صغيرة لدواء سليم يناسبك، ومن وجهة نظري أن دواء زولفت الذي يعرف باسم لسترال، واسمه العلمي هو ستراللين، سوف يكون دواءً مناسباً، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة أي (25غ) تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها حبة كاملة (50) مليجراما، تناوله ليلاً بعد الأكل، واستمر عليه لمدة ستة أشهر ثم بعد ذلك اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين ثم توقف عن تناول الدواء، الستراللين من الأدوية الرائعة جداً، وهو غير إدماني، وليس له سلبيات حقيقية بهذه الجرعة، وعموماً الجرعة التي وصفتها لك وهي حبة كاملة تعتبر من الجرعات الصغيرة جداً، حيث أن الجرعة قد تصل إلى (4) حبات في اليوم عند بعض الناس.

هنالك أدوية بديلة مثل الفافرين والسبرالكس الزيروكسات، لكن أعتقد أن الستراللين هو الأفضل لك.

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً