الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ سنوات وأنا أخاف من قيادة السيارة لمسافة بعيدة، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أتابع هذا الموقع منذ عدة سنوات، وأشكركم على اهتمامكم بأمور الناس، وجزاكم الله خيرا.

إخواني مشكلتي هي: أني ومنذ أكثر من 20 سنة أخاف من قيادة السيارة لمسافة بعيدة، وحتى القريبة، وأشعر وكأنني سيحدث لي شيء، وأحاول أن أرجع أو أتوقف عن القيادة، لكن أتابع وحين أصل إلى المكان أسخر مما حصل معي، وأعود وأقع في نفس الخوف كل مرة، وهذا منذ أكثر من 20 عاما، ولا أحد يعرف بهذا الأمر على الإطلاق فأنا متزوج وعندي بنتان 20و 25 سنة، وطفل عمره 11 سنة.

وأعاني كثيرا من الخوف على ابني، وينشغل بالي كل مرة يكون مريضا حتى ولو كان رشحا، فأبقى وأمه نقيس حرارته كل 5 دقائق، ولا أنام، وأتوتر ولا آكل، وتصيبني كآبة حتى يشفى، فأنا أرى أصدقائي لا يبالون كثيرا لهذه الأمور، لقد تعبت من هذان الأمران، وأنا أعرف أنها لا يجب أن تكون هكذا، ولكن لا أستطيع السيطرة على نفسي.

هذه الأمور لم أصارح بها أحدا، فهي تخنقني، أيضا أود أن أعلمكم أني أتناول منذ 20 عاما lexotanil 1.5 mg حبة صباحا ومساءً، منذ 20 عاما عندي ارتفاع بسيط في الضغط atenelol 50 mg أتناول nexium 20 mg منذ 3 أعوام و flatorat 125 mg.

أنا تاجر وأحوالي المادية ممتازة في فنزويلا، وعندي طبيب للعائلة أتابع معه كل الأمور ما عدا الذي قلته لكم، لأنني أخجل من هذه الأمور.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً أخي الكريم، ويسعدنا جداً تواصلك معنا ومتابعتك لهذا الموقع وأنت في بلد بعيد، نسأل الله لك ولأسرتك الكريمة الحفظ والرعاية.

حالة القلق التي وصفتها هي في الأصل مخاوف، والمخاوف والقلق متداخل مع بعضها البعض، الذي أقصده بالقلق هو قلقك الثانوي حول حالة المخاوف التي تعاني منها، والذي يظهر لي أن قلق المخاوف لديك يتمركز حول الخوف من قيادة السيارة، وهذا معلوم وموجود، وقد يكون له تشعبات أخرى مثل ما يسمى برهاب الساحة، أي أن الإنسان لا يود أن يكون لوحده في مكان مزدحم، وهذا كله تمخض عنه فكر وسواسي حول الأمور البسيطة، والتي أصبحت تشغلك كثيراً.

أخي الكريم هذه الحالات يمكن علاجها، وبعض الناس يقبلون بأوضاعهم دون أي تدخل طبي حقيقي، وهذا يؤدي إلى ظاهرة التمكين، أي تمكين المرض، وأنت لك عشرين عاما وتعاني وتغلبت على شدة المعاناة من خلال ما نسميه بالتواؤم مع الوضع، ووصلت إلى درجة من المقبولية، لكن بالطبع لم تشفَ، وهذا هو التمكين في حد ذاته -أخي الكريم- الذي أنصحك به هو أولاً أن تحقر فكرة الخوف.

ثانياً: أن تضع لنفسك برنامج يومي فيما يخص قيادة السيارة، ابدأ يومياً بمشوار قصير، وبعد ثلاث إلى أربع ساعات قم بمشوار آخر أطول مسافة من المشوار الأولي، وفي نهاية اليوم قم بالمشوار الثالث، ولابد أن تسير في طرق مختلفة وغير معهودة بالنسبة لك، هذا التمرين في ظاهره مضحك بعض الشيء، لكنه عملياً جداً، وهذا نوع من التعريض مع الاستجابة السلبية، وأنت تقود سيارتك لابد أن تحقر فكرة الخوف، انظر إلى ألف من الناس، بل ملايين الناس الذين يسيرون بسياراتهم، والسيارة ذاتها تفكر فيها، وتأمل فيه كنعمة من نعم الله تعالى، هذا نسميه التغير المعرفي وهو مهم جداً.

المخاوف تواجه من خلال استبدالها بفكر مخالف، وتواجه من خلال تطبيق تمارين الاسترخاء وصرف الانتباه، وذلك يتم من خلال حسن إدارة الوقت، وأن يشغل الإنسان نفسه بما هو أهم من الخوف، أخي الفاضل العلاجات الدوائي مهمة ومفيدة جداً، وأنت تتناول (lexotanil)، وهو دواء مهدئ ويزيل القلق والتوتر، ويحسن النوم لك، ولكن يعاب عليه أنه لا يعالج الخوف في أصله ولا يقتلعه، وربما يحدث نوع من التعود عليه، لكن الشيء الجيد أنك لم ترفع الجرعة، وبالطبع فترة عشرين سنة هي فترة طويلة جداً، ويجب أن تحرر نفسك من هذا الدواء وتتوقف عنه تدريجيا.

- (nexium) دواء يستعمل للقلق، وفيه مادة اللبريمه، وهي مادة يسهل التعود عليها، ولكن ليس تعوداً خطيراً.

- (atenolol) هذا يعطى لارتفاع ضغط الدم، وهو دواء جيد ومعروف، أما (flatorat) فهذا أخي الكريم دواء غير معروف بالنسبة لي.

عموماً أريدك أن تراجع طبيبا نفسيا إذا كان هنالك إمكانية، وإن لم توجد إمكانية أرجو أن تسحب (lexotanil)، أو أي كيفية تدريجية مفيدة، ضع برامج ثلاثة أشهر مثلاَ، قل إنني سوف أتخلص من lexotanil من خلال هذه المدة.

هنالك دواء جيد جداً يعرف باسم السيرترالين هذا هو اسمه العلمي وله عدة أسماء تجارية منها زولفت ولسترال، وربما يسمى مسميات تجارية أخرى في فنزويلا، فأرجو أن تعرض على طبيبك وتستشيره في أمر هذا الدواء، فهو دواء ممتاز، وفعال، ويمكن أن تبدأ إذا وافق الطبيب عليه، ابداً في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة (50) مليجراما لمدة شهر، وبعد ذلك اجعلها حبتين ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة عام، وهذه ليس مدة طويلة أبداً أخي الكريم وبعد ذلك اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة شهر ثم توقف عن تناول الدواء، وهنالك أدوية كثيرة مشابهة لكن يعرف عن السيرتللين أنه الأفضل في مثل هذه الحالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً