الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج إلى كلمة طيبة ودعم وتشجيع لأتجاوز مصاعبي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه رسالتي الثانية.
باختصار: أنا محطم كليًا، أحتاج إلى كلمة طيبة، أحتاج إلى دعم وتشجيع، أكتب لكم وأنا لا أعرفكم، ولكنني أعلم أن أحدًا سيقرأ سطوري ويفكر في مشكلتي.

أفكر بالهروب إلى مكان بعيد، لكنني خائف من جرح مشاعر الآخرين برحيلي، أو بانتحاري حتى، كل ما أحتاجه هو كلمة طيبة صادقة، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Aslam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

بداية: نرحب بك في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، نعلن لك عن حبنا لك ورغبتنا في الخير لك، وأنت عندنا غالٍ، ونفسك هذه غالية، فلا توردها المهالك بأن تهرب أو تنتحر، فإن هذا أمر يُلحق بك الضرر في الدنيا والآخرة.

فأنت عندنا غالٍ، وأنت عندنا محبوب، وأنت رقم ليس بالسهل، والدليل على ذلك أنك كتبت إلينا وتواصلت مع هذا الموقع، وهذا دليل على أن فيك خيرًا، وعلى أنك إنسان عاقل، وكم تمنينا لو وضحت لنا الأمور التي تضايقك، فنحن على استعداد لسماعك والتفاعل معك لمساعدتك والتحدث معك، فلا تسجن نفسك في نفسك، ولا تعش وحدك هذه الحسرات والظلمات والأفكار، ولكن اعرضها علينا، وثق أنك في موقع آمنٍ، ومن حقك أن تطلب أن تكون الاستشارة محجوبة، فلن يطلع على الاستشارة أحدٌ إلا من يجيب عليك، ثم أنت وحدك؛ لأن هذا النظام موجود في موقعك المفضل، فنكرر ترحيبنا بك، ونتمنى أن تصلنا منك توضيحات.

واعلم أن هذه الحياة أصلاً لا تخلو من الصعاب، لكن الإنسان كيف يتعامل معها؟ كيف يكون واثقًا بالله تبارك وتعالى؟ كيف يرتبط بالله العظيم سبحانه وتعالى؟ كيف يوقن أن الأمر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له".

واعلم أن وجودنا مع الناس له ثمن، قد يجد الإنسان مضايقات، قد يرى أشياء لا تُعجبه، لكن الإنسان ينبغي أن يتعامل مع الناس بما يقتضيه حالهم، فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم، والإنسان عليه أن ينشد رضوان الله تبارك وتعالى، أما رضى الناس فإن ذلك غاية لا تُدرك، المهم أن يكون ما بينك وبين الله عامر، وأن تُحسن التعامل مع الآخرين، وأن تعذر من يسيء، لأن كل إنسان يُنفق من البضاعة التي يحملها، والمهم أن الإنسان هو أن يداري الناس وأن يتعامل معهم بما يقتضيه حالهم، وأن يعود نفسه على الصبر، فإن العاقبة للصابرين.

وأرجو أن تعلم أن الدنيا هذه لا تخلو من المشاكل، وإذا كانت عندك صعوبات فلست وحدك، ولكن عندما يتعرف الإنسان على مشاكل الآخرين ومصائبهم تهون المصائب التي عنده.

أيضًا ينبغي للإنسان أن ينظر إلى من هم أقل منه في العافية، وفي الراحة، والتوفيق والسعادة، وعندها سيجد لسانه يلهج بحمد الله تعالى وذكره، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام - يقول: "انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، لكي لا تزدروا نعمة الله عليكم"، فلو أخذنا على سبيل المثال أنت -ولله الحمد- تستطيع أن تكتب وتتواصل، فهناك من لا يعرف الكتابة ولا يعرف القراءة ولا يُجيد التواصل، ولا يعرف التفاهم مع الآخرين، فأنت في نعمة الآن تحمد الله تبارك وتعالى عليها.

وهذا السؤال أيضًا يدل على أنك تعرف الأماكن التي يمكن أن تصل إليها، تعرف أن هناك من يمكن أن يساعد، ونبشرك بأن في الناس خيرًا، وأن كثيرين حريصون على حياتك وحياة أمثالك، وأنت أيضًا عندنا غالٍ، وهذه النفس عندك ينبغي أن تكون غالية؛ لأن الإنسان –هذه النفس الغالية– ما ينبغي أن يُقدمها إلا لله تبارك وتعالى، وما ينبغي أن يشغلها إلا بطاعة الله تبارك وتعالى، وليس في الدنيا ما يستحق أن تغضب لفواته أو تغضب من أجله، أو تصاب بالاكتئاب أو بالتوتر لأجله، فالدنيا إلى آخرها لا تزن عند الله جناح بعوضة، وهي عرض زائل.

فاهتم بصحتك النفسية، واهتم بهذه النفس، واحرص على صيانتها، وتجنب التفكير بهذه الطريقة، الهروب بعيدًا عن الناس أو أسوأ من ذلك في أن تفكر أن تنتحر، ولا تظن أن هذه راحة، بل هذه بداية الشقاء، ولكن الراحة في التواصل مع الآخرين، ونحن سعداء بهذا التواصل، ونتمنى أن يستمر هذا التواصل مع الموقع، وستجد الشباب والإخوة والمشايخ الفضلاء، والأطباء النفسانيين، وكل التخصصات، هؤلاء جميعًا في خدمتك وفي خدمة أمثالك، وأنت عندنا غالٍ، وكل نفسٍ مسلمة عندنا غالية، فمرحبًا بك.

نتمنى أن يدوم هذا التواصل، ونتمنى أن تصلنا أيضًا استشارة منك مفصّلة عن أسباب هذه المعاناة، وعن الصعوبات التي تواجهك، فالإنسان ضعيف بنفسه قوي بإيمانه بالله، والإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه الذين يقفون معه ويساندونه، ونحن جميعًا شرف لنا أن نكون في خدمتك وفي خدمة أمثالك، ونكرر ترحيبنا بك، ونُعلن لك عن حبنا ورغبتنا في التواصل معنا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً