الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مخاوف من نقد الناس لي وتقلب المزاج!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا موظف بشركة الكهرباء، أعاني من تقلب المزاج، وخوفي من نظرة الناس لي ومن نقدهم علي في لبسي أو شكلي، أريد أن أكوّن علاقات مع المجتمع، وأتفاجأ باستغلال الناس لي لطيبة قلبي، واستغلالهم لي وأنا لا أرد طلبا لأحد خوفا من ردة فعلهم أو مفارقتي، والخوف يستمر معي في عملي أو خارج المنزل، وكذلك تشتت التفكير، وعدم التركيز.

وأعاني من سرعة الكلام، حتى إن المستمعين لا يسمعونني من أول كلام، وأعيد وأكرر كلامي كي يسمعوني، وشخصيتي في عملي لا أهمية لها، أريد أن أكون شخصية قوية، وأحقق أمنياتي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالسؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك: هل تقييمك لذاتك ومقدراتك بهذه الطريقة السلبية هل هو صحيح أم خطأ؟ ألا تعتقد أنك قد أجحفت في حق نفسك كثيرًا وقللت من قيمتها ومن شأنها؟

أنا أعتقد أن هذه هي إشكاليتك الأساسية، فكثيرًا ما تسيطر المشاعر السلبية على الإنسان إن أخفق في شيء بسيط مثلاً، ويبدأ يعمم كل إنجازاته في الحياة، ويقارنها بالفشل البسيط ولا يراها إنجازًا يُعتدّ به، وهذه إشكالية كبيرة جدًّا، نسميها بتقليل قيمة الذات.

أيها الفاضل الكريم: اجلس مع نفسك، أعد تقييم نفسك، لا تقبل هذه الأفكار السلبية، أنت لست أقل من الناس، فقد خصَّك الله تعالى بكل المقدرات، فلماذا تقلل من شأن نفسك؟ هذه نقطة أولى.

النقطة الثانية: هي أن تحكم على نفسك بإنجازاتك وليس بمشاعرك السلبية هذه، أنت رجل، تعمل، وتتواصل مع أسرتك، وأنا متأكد أنك تقدم الكثير من الخير للناس، فلا تقلل من شأن نفسك.

النقطة الثالثة هي: أن تبدأ ببرامج عملية لتأكيد ذاتك، وهذه البرامج تقوم على مبدأ: حسن إدارة الوقت، أن تعطي وقتًا للعمل، ووقتًا للقراءة، ووقتًا للراحة، ووقتًا للعبادة، ووقتًا للتواصل الاجتماعي، ولا بد أن تحسب إنجازاتك حتى ولو كانت بسيطة، وتقدّرها؛ لأن إشباع الذات والشعور بالرضا لا يأتي إلا إذا كان الإنسان قدَّر ما يقوم به حتى ولو كان إنجازًا بسيطًا.

النقطة الرابعة: عليك بالرفقة الطيبة الصالحة، والإنسان حين يرافق الناس المتميزين والأتقياء والمثقفين ومن ذوي الخلق الرفيع والمهارات الممتازة لا بد أن يتعلم منهم شيئًا، ولا بد أن يسير على طريقهم، والإنسان بطبعه يتعلم ممن حوله، فاحرص على هذا الأمر.

النقطة الخامسة: اسع دائمًا لبر والديك، فبر الوالدين يسهل للإنسان -إن شاء الله تعالى- طريقه في الدنيا والآخرة، ويعطيك الثقة في نفسك، ويجعلك لا تحس بالخوف من الفشل، كل الذين لا يثقون في شخصياتهم دائمًا تجد لديهم الخوف من الفشل.

النقطة الأخيرة أيها الفاضل الكريم: يوجد علم مهم جدًّا يسمى علم الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، وهو علم جديد عمره منذ حوالي ثماني عشرة سنة، وجد أن علة الناس الذين يشتكون من ضعف الشخصية أو عدم القدرة على التواصل الاجتماعي الجيد أنهم لا ينظرون لذاتهم بصورة إيجابية، ولا يكافئون أنفسهم، كما أن نظرتهم للآخرين دائمًا لا تكون إيجابية، وكذلك مشاعرهم.

أرجو أن تقرأ حول هذا العلم، وهناك كتب كثيرة جدًّا، مثل الكتاب المشهور جدًّا للدكتور دانييل جولمان (الذكاء العاطفي)، وهناك أيضًا كتاب اسمه (الذكاء العاطفي 2)، وبما أنك متواجد في المملكة العربية السعودية سوف تجد هذه الكتب في مكتبة جرير، وقطعًا كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن)، فيه ما يفيد؛ لأنه أيضًا تطرق لمواضيع كثيرة من مواضيع تطوير الذات والذكاء العاطفي وجمّلها بأسلوبه الرصين والصيغة الإسلامية الراقية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً