السؤال
السلام عليكم.
أرغب في إرشادي مشكورين، هناك استفهام أقلقني وكاد أن يجعل حاجزا بيني وبين حياتي، أنا طموحة جداً وأعشق دراستي وأكملتها -ولله الحمد-، وتخرجت من المرحلة الجامعية بتخصص إدارة عامة، مسار خدمات صحية وإدارة مستشفيات، كنت أريد أن أتعلم الإنجليزي لأكمل مستلزمات الطموح لأصير مديرة كبيرة، وكنت أتمنى أن أصبح عضوة في مجلس الشورى، وأكمل الماجستير والدكتوراه، كنت أحلم أحلاما كثيرة كلها أحلام نبيلة، كنت أحب الحياة وشغوفة بالعيش فيها، كنت منتعشة أنتهز الفرصة ولا أترك شيئا يفوتني، أحب أن أقرأ كتبا وأتلذذ في القراءة، كنت أنتهز الفرصة لحضور أي دورة، أول ما أسمع عن شيء أحضر وأتعلم استماعاً وحضوراً، شغوفة بالتعلم والصعود لأعلى المراتب.
أحب أن أرضي ربي وأحب أن أعمل الخير، ولا أحب أن أظلم ولا أحب أحدا يظلمني، وأحب المبادئ والقيم وأحب السير على نهجها، ولا أرضى بالظلم، وأحب العدل والنظام، ولا أحب أن أكون حملا ثقيلا على أحد، وإذا لم أنفع لا أحب أن أضر، وأتألم لما يضطرني أحد أن أسيء له بسبب ضغطه عليّ وأذيته المتمادية. واجهت عدة عوائق وأنا أقاوم كل ما يواجهني ولا أستسلم، لا أطلب العون سوى من الله وأعلق آمالي به، ولكن أجد ممن حولي بالمنزل إحباطات وكلمات لا تحمل من التفاؤل ذرة، على العكس تماماً، خصوصا والدي وأحيانا والدتي.
أخرج لحضور بعض الدورات وذلك يغضب الوالد، يقول يجب أن تذهبي وتعملي وتحضري المال أو لا تذهبي لأخذ الدورات، وتمتد سلسلة من الكلمات المثبطة وتصاحبها بعض الدعوات الموجعة، مع العلم أن الإنجليزية ومهارات الكمبيوتر ضرورية الآن وكذلك الدورات، مع أنني لا أطلب منه مالاً، عندما يجازف الإنسان ويواصل في هذه الحياة لا يهمه أي مثبط، ولكن الله قرن حق الوالدين بحقه، ولن يستطيع الإنسان أن يخطو خطوة بدون رضاهما، والتوفيق حليف رضاهما، وأنا لا أفعل شيئا محرما بل أطلب العلم النافع، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة.
الآن أشعر بألم وأسى ووجع وحرب مشتعلة بداخلي، أرغب في إكمال طموحي ولا أرغب في غضب والدي ووالدتي، لا توجد وظائف مناسبة فالبعض منها بائعة في الأسواق، والبعض عاملة إنتاج في المصانع، وجميعها لا تناسب قدراتي ولا تتوافق مع مؤهلاتي، والوظائف التي تناسب مؤهلاتي تحتاج لخبرة إن وجدت، وطلاقة في تحدث الإنجليزية وهي لا توجد لدي، حالتنا المادية -ولله الحمد- جيدة، ولكن لا أحد يعلم بمقدار ما أشعر به سوى خالقي، ولكن ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
والألم الأكبر الذي بداخلي هو خمول طموحي وتراجعه شيئا فشيئا، لا أستطيع حتى البكاء فقط أشعر بألم لا يوصف، حيث أني لا أرغب بشيء سوى تحقيق طموحاتي بما يرضي الله والصعود لأعلى المراتب، عندما لا تجد من يشجعك تستطيع المضي قُدما بتعليق ثقتك وكل آمالك بالله، والاعتماد عليه وحده فهو نعم المولى ونعم النصير، عندما لا تجد من يشجعك وتجد أقرب الناس لك يكسرون مجاديفك، ويطمسون طموحاتك بكلمات بائسة ودعوات قاسية، كيف تستطيع السير؟ كيف تجري عكس التيار؟ كيف تقف في مواجهة السيل الجارف لكل ما حاولت بناءه في سنوات تزينه بالأمل والتفاؤل والحب والخير وأجمل الأمنيات؟ كيف تهرب ممن حولك ممن يعيشون معك ممن هم عليك بدلا من أن يكونوا معك؟ هنا أقول وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد.
هل عيب أن تعبر عن خلجات نفسك؟ هل عيب أن تعيش كما تريد وكما تطمح؟ هل حرام أن تقول أحب أن أكون في أعلى المراتب وسأجتهد وأواصل المشوار ومن سار على الدرب وصل؟ هل منكر أن أطلب العلم وأسعى في تحصيله؟ هل من واجبي التخلي عن طموحاتي ليرضى غيري بلا سبب وبلا مبرر؟ هل يعقل أن أعيش بلا إحساس وبلا تذوق لطعم الحياة؟ هل يعقل أن أعيش وأضع رغباتي في طريق وأسير في طريق آخر؟ هل أتجرد من ذاتي؟ وإن فعلت ذلك كيف أكون إنسانة؟ كيف يكون لي كيان؟ كيف أكون أنا ذاتي؟