السلام عليكم

جدتي وأمي في حالة غريبة حدثت لهما، أما جدتي فبسبب حادثة حصلت بينها وبين عمي حسبما سمعت، والحادثة أن عمي أساء إليها بالكلام، فصارت تنسى بشكل غير طبيعي! مثلاً عندما أجلس لكي أتحدث معها تسألني نفس السؤال مرارًا وتكرارًا، تسألني أنت ماذا تدرس الآن؟ فأجيبها، نتحدث عن شيء آخر فتعيد تسألني نفس السؤال، أنت ماذا تدرس؟ حتى إنها أحيانا تنسى أن لديها مالاً، أو عندما تعطيني مالاً تنسى أنها أعطتني وتأتي لتعطيني مرة أخرى.

كذلك أحيانا تطلب مني أن تتكلم مثلاً مع عمي ثم تنسى أنها تحدثت معه لتطلب مني مرة أخرى الاتصال به!

أنا لا أحاول أن أوضح لها أنها نسيت ما حدثتني به، ولا أحاول أن أجعل الشفقة تظهر في محياي لكي لا تستشعر ما يحدث.

أتمنى أن تساعدوني وتخبروني عن حالتها، ويوجد ما هو أكبر أنها فتحت لي موضوع وفاة جدي، وهو أخوها، نسأل الله أن يرحمه، وتخبرني أنه توفي بعمر يناهز ال 37 عاما، بعمر أبي- رغم أن جدي توفي قبل 3 سنوات بعمر يناهز الـ 70 سنة، وتخبرني أنها بعمر 40 سنة، وتنسى أنها كبيرة، وعندما أخبرها عما بها وأن عمرها ليس كعمر والدي تغضب، وتخبرني أن والدي بعمر 20، رغم أني أنا بعمر 20، فاضطررت أن أخبرها أن الأعمار بيد الله، وأنه لا يجب التحدث بهذا، لأنهي الموضوع فقط، أفيدوني بحالتها.

أما أمي فهي تنسى أماكن الأشياء، يعني تخبئ شيئاً وتنسى أين خبأته بالضبط، وهي تشعر غالباً بصداع في منتصف رأسها، وأحياناً صداع في كامل الرأس يؤلمها بشدة، وأحيانا صداع نصفي، ولكي أوضح حالة أمي فهي تعاني مؤخرًا من التوتر والقلق بسبب مشاكل تحدث بينها وبين والدي، وهي عندما رأت حالة جدتي خشيت على نفسها أن يحدث لها نفس الحالة، فهي تنسى فقط أين تخبئ الأشياء وهذا يثير قلقها بشكل كبير.

أفيدونا عن حالتها، وأدعو الله أن تكون بخير.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نواف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك الثقة في إسلام ويب وعلى اهتمامك بأمر أسرتك الكريمة.

أريد أن أبدأ بموضوع والدتك حيث إن أمرها بسيط، وأعتقد أن الذي بها هو نوع من القلق والتوتر الذي أدى إلى تشتت التركيز لديها، وبما أنها تعاني من الصداع أعتقد أنه من المستحسن أن تذهب إلى الطبيب ليُجريَ لها بعض الفحوصات، ومن ثم إن كان هناك حاجة لأي علاج يمكن أن تتناول العلاج المطلوب.

لا أعتقد أنها تعاني من مرضٍ أساسي، لكن قطعًا فحصها سيكون أمرًا مهمًّا وضروريًا، وأنا متفائل جدًّا أنها سوف تستجيب لأحد مضادات القلق والتوتر من النوع البسيط، هذا بالنسبة لوالدتك.

أما بالنسبة لجدتك، فحالتها أيضًا من وجهة نظري واضحة، قطعًا لديها اضطراب في الذاكرة، وهذا الاضطراب – أيها الفاضل الكريم – من وجهة نظري المتواضعة يحمل سمات مرض العته أو الخرف، ويُعرف تمامًا أن ضعف الذاكرة يبدأ للأحداث الحديثة، ثم بعد ذلك يشمل الأحداث البعيدة، وسوء تقدير الأعمار أو تصغير الأعمار هو أحد السمات التي نشاهدها في مرض الزهايمر Alzheimer's، وهو من الأمراض الأساسية بالنسبة لضعف الذاكرة.

جدتك الكريمة حدثت عندها هذه التغيرات بعد الحادثة التي حدثت بينها وبين عمِّك، وهذا مُلاحظ، أن كثيرًا من كبار السن الذين يُصابون بالخرف أو العته وضعف الذاكرة، تكون شرارة البداية ناتجة من حدثٍ حياتي، أي حدثٍ ما سبَّبَ شيئا من القلق أو التوتر أو عدم القبول، وبعد ذلك يظهر التدهور الشديد في الذاكرة.

بعض علماء النفس يرون أن الاكتئاب النفسي الحاد أيضًا قد يُعجِّل بتدهور الذاكرة، أو هو نفسه قد يُسبب تدهور الذاكرة، وفي هذه الحالة – أي إذا كان سبب تدهور الذاكرة هو الاكتئاب النفسي – بعد أن يُعالج الاكتئاب ويزول سوف تتحسَّن الذاكرة.

أما إذا لم يكن سببه الاكتئاب فقطعًا فيكون الموضوع متعلقًا بعلة الزهايمر، أو الأمراض المشابهة لها، فقطعًا جدتك الفاضلة تحتاج لأن تُقيَّم بواسطة الطبيب النفسي، وأنا أود أن أذكرك بأن التدخل الطبي المبكر في مثل هذه الحالات دائمًا يكون مفيدًا.

الطبيب سوف يقوم بتقييمها من خلال الفحص المباشر – أي الفحص الإكلينيكي – وذلك من خلال إجراء بعض الاختبارات الكلامية لها، ثم سوف يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات.

أهم الفحوصات: التأكد من مستوى الدم، مستوى وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (ب12)، هذه مهمة؛ لأنها إن كان بها خلل تُساهم أيضًا في ضعف الذاكرة، والطبيب أيضًا سوف يقوم بإجراء صورة مقطعية للدماغ، وذلك للتأكد إن كان هنالك أي ضمور في خلايا الدماغ أو لا.

أخِي الكريم: الأمر واضح جدًّا، والدتك فعلاً تحتاج لمقابلة الطبيب، وأمرها بسيط -إن شاء الله تعالى- وجدتك بالفعل تحتاج لتقييم طبي، لأن التدخل المبكر مهم كما ذكرت لك سلفًا، توجد الآن أدوية مُحسِّنةً للذاكرة، تفيد بعض الناس إذا كان التدخل مبكرًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.