الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف الرهاب عند لقاء الأقارب والأصدقاء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

عندي مشكلة في لقاء الناس الأقارب أو الأصدقاء والسلام عليهم، لا أستطيع الذهاب للاجتماعات العائلية، وعند إجباري للذهاب أشعر بارتباك وعدم تركيز وخوف قليل، ولا أستطيع الإمامة في الصلاة الجهرية.

وأنا شاب أبحث عن وظيفة، وعندما أجد وظيفة يأتيني الشعور بالخوف والارتباك، ورعشة في اليدين خفيفة عند المقابلة الشخصية، وللعلم قبل 6 سنوات لم تكن عندي هذه الأعراض.

وأعاني من بعض الوساوس في أشياء تافهة، ككلام الناس عني، أو نظرتهم لي، سببت لي قلقا، وأعاني من سرعة الغضب.

أريد توجيهكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

ما ذكرته من معاناة مع سرعة الغضب والتوجُّس، والشعور بالخوف والوسوسة والخوف الاجتماعي الذي تحدثت عنه: هذا يجب أن يُصحح، ويمكن أن يُصحح، فأنت -أيها الفاضل الكريم– من حيث التشخيص تعاني من الخوف الاجتماعي، ولديك أيضًا حالة من القلق والانفعالات السلبية.

أول خطوة في العلاج هي أن تُقرر أنك بالفعل تريد أن تتغير، وأن تفهم وأن تعلم وأن تُدرك أن التغيير يأتي منك أنت، نحن كمختصين نوجِّه ونُرشد ونضع الأمور في نطاقها العلمي، لكن التطبيق سوف يكون منك أنت -أيها الفاضل الكريم-.

أولاً: لا بد أن تشعر بقيمة نفسك، لا تُحقِّر نفسك، لا تُقلل من شأنك أبدًا، أنت إنسانٌ مكرَّم، أنت شاب، لديك طاقات كثيرة جدًّا، هذه الطاقات الشبابية يجب أن تُستغل بالصورة الصحيحة.

الخوف والتغيرات التي تعاني منها مكتسبة، هي أنها بدأتْ قبل ست سنوات، ودائمًا الخوف والقلق والرهاب هو على هذه الشاكلة، يعني أنه ليس من طبعك وليس من فطرتك، ولم تُخلق به أبدًا، هو أمرٌ قد اكتسبته غالبًا لنوع من التجارب السلبية في الحياة، تعرَّضت لخوفٍ معين، تعرَّضت لموقف لم يكن فيه شيء من الرضا، وربما تكون لم تعطِ هذا الأمر أي اهتمام أو أهمية في وقته، لكن على مستوى العقل الباطني بدأ يتطور حتى أدَّى إلى هذه الصورة.

إذًا مشكلتك هي مشكلة مكتسبة، والشيء المكتسب يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد، بل يكتسب الإنسان عادات ومسلكٍ وأُطر حياةٍ جديدة تكون مخالفة تمامًا لما يعاني منه.

فالخوف الاجتماعي هذا يجب أن تُحقِّره، كما ذكرتُ لك ارتقي بقيمة نفسك، ولا تُقلل من شأنها، وعليك بالإصرار أن تكون شخصًا نافعًا في الأسرة، نافعًا لنفسك ونافعًا لغيرك.

أيها الفاضل الكريم: ابدأ مباشرة بأن تطرح مواضيع يوميًا على أصدقائك، ارتقي بمخزونك من المعرفة، الحوارات، النقاشات، دائمًا تكون أسهل للإنسان إذا كانت ذخيرته في المعرفة عالية.

وهنالك أشياء بسيطة جدًّا وطيبة جدًّا، مثلاً: في صلاة الجماعة، دائمًا يجب أن تُصلي مع الجماعة، وبعد أن تنتهي من الصلاة سلِّم على بعض الإخوة المصلين، يمكن أن تدخل في حوارات، في نقاشاتٍ بسيطة في أمور عادية، وهذا كله يطوّر من مهاراتك.

الذهاب إلى المناسبات، الإنسان لا بد أن يكون مِقْدامًا، لا بد أن يكون فيه خير للآخرين، ولا بد أن تُشارك الناس في مناسباتهم، الأصدقاء، الجيران، زيارة المرضى في المستشفيات، المشي في الجنائز، الذهاب إلى الأعراس، الدعوات، الأسواق، هذا كله علاج وعلاج طبيعي جدًّا.

وأنت الآن في مرحلة الطلابية، أمامك فرصة عظيمة جدًّا لتستثمر وقتك بصورة ممتازة، تشغل نفسك بما هو مفيد، تُرتِّب وقتك، تكون لك خطط فيما يتعلق بالدراسة، مَا الذي تريد أن تُنجزه؟ كيف تكون من المتفوقين؟ وهذا كله ممكن وممكن جدًّا.

أنصحك أيضًا أن تُعبِّر عن نفسك ولا تكتم، هذا مهمٌّ جدًّا. ممارسة الرياضة أيضًا ضرورية جدًّا.

الوساوس تعالج من خلال تحقيرها، وأنا أرى أنك إذا ذهبت إلى الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة ليصف لك أحد مضادات القلق والخوف سوف تستفيد من أحد هذه الأدوية كثيرًا، ومن أفضل الأدوية عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) وهو متوفر في المملكة العربية السعودية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً