الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة وساوس وعدم تحقيق الأعمال والنجاح.. فما العلاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا أبلغ 17 عاما، أنا شخص انطوائي، أفضّل الوحدة، وأهتم بما يتعلق بي فقط، دائما ما كنت أشعر بالغرابة أمام الناس، وإن كانوا من أصدقائي وأقاربي، معاناتي بدأت منذ أن بلغت الثالثة عشر ربيعا، عندما حدث لي موقف أصابني بخوف كبير، وأصبحت غير قادر على نسيان هذا الخوف، بالرغم من إدراكي بأنه أمر زائف وليس له أي قيمة.

ودارت الأيام لأجد عقلي لا تنفك عنه هذه الأفكار أبدا، كنت ألجأ للبكاء كل ساعة، ولم أدر ما مشكلتي؟ وكيف أعالجها؟ لدرجة انتظاري يوميا لمعجزة تخرجني مما أنا فيه، أو تمحو ذاكرتي، ومع مرور الشهور زال الأمر، ولكن أصابتني أمور مماثلة، وعندما أصبح عمري 15 عاما أدركت بأني مصاب بـ " الوسواس القهري "، وتغير كل شيء، وكأني أصبحت إنسانا آخر، وكان كلما ساءت نفسيتي ظهر الوسواس، وأصبحت أقضي شهورا معافى، وشهورا أعاني، وهكذا، ومنذ نصف عام أصابني خوف من أمر ما بشدة، لدرجة أحسست أني سأفقد عقلي، ومن وقتها وحتى الآن وأنا أعاني فقط، وزادت عندي الوساوس بشكل هائل، وأصبحت أعاني من عشرات الوساوس، منها أني أراقب تنفسي، وأجد نفسي غير قادر على الشرب أو الكلام، وأتنفس إراديا إلا إذا كتمت نفسي حتى الانتهاء من الكلام أو الشرب، فأصبحت أتجنبهما بقدر المستطاع، وعندما أقضي الحاجة أجد نفسي أفشل في إكمال قضاء الحاجة بشكل طبيعي، أقوم بالتركيز على وظائف جسدي، مثل: حركة البطن، ورمش العيون، خروج الريح، العطاس، والكثير الكثير، وأحيانا أتمادى حتى تؤلمني عضلات جسدي.

أصبحت أعيش في عالم غبي جدا، أعلى أمنياتي أن أستيقظ وأقضي حاجتي بشكل طبيعي، وأفشل أحيانا، وأصيب أحيانا، وأن أقضي يومي دون أن يؤلمني جسدي أو يؤلمني قلبي مما أفعله بتنفسي.

أبي وأمي صدموا عندما علموا ذلك، لأني كنت متفوقا دائما، وأنا في سنتي الأخيرة في الثانوية التي ستحدد مستقبلي، وأخذوا يتهربون من الأمر، ورفضوا العلاج بحجة أني لا أعاني من شيء، وأنه سيؤثر علي ولن يدعني أدرس جيدا، الآن حالي ربما تحسنت عن قبل؛ لأني أصبحت أكثر وعيا لتلك الوساوس، وأحيانا أتحسن بشدة، ولكن أشعر بأني في دائرة ولن أخرج منها سليما، وتستمر الأفكار والوساوس، وباختصار أصبحت تقريبا أفشل في أي شيء أريد القيام به، لكني أصبحت غير قادر على القيام بأي شيء، حتى أني تركت الدراسة ولم أعد أقوم بأي شيء في حياتي.

والدي طبيب جراحة، وسافر للعمل بالخارج، وأنا أكبر أشقائي، ومن المفروض أن أعتني بهم، يا للسخرية، ويا للعار، أنا حتى لا أستطيع الاعتناء بنفسي، وأختي الصغيرة ذات العشرة أعوام تستطيع أن تفيد البيت أكثر مني.

سؤالي: هو ما تشخيصكم لأمري؟ وهل هو مجرد وسواس قهري أم لا؟ وماذا أفعل؟ هل أطلب العلاج بدون علم أهلي؟ لأني كثيرا ما أفكر بالانتحار بعد أن أنظر لحالي الأليم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ moaz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، رسالتك رسالة واضحة جداً، وكتبت بصورة جميلة وتفصيلية، وأقول لك بصورة قطعية نعم، كل الذي دار ويدور في خلدك هي وساوس قهرية، وساوس أفكار، وهنالك شيء من وساوس الأفعال.

والوسواس بالفعل مرض قبيح ومستحوذ، ويدخل الإنسان أحياناً في حالة اكتئابية، وافتقاد للفاعلية والدافعية، ويعطي الشعور بالكدر والإحباط، هذا هو الذي حدث لك.

إذاً أنت تعاني من وساوس قهرية، مع اكتئاب ثانوي لكنه إن شاء الله تعالى من النوع البسيط، حالتك تعالج ويجب أن تعالج عن طريق الطبيب النفسي، وأنت والدك طبيب، وأنا متأكد أنه لن يرفض أبداً أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، هذا الكلام الذي ذكرته كلام جميل يا أبني، كلام طيب، كلام واضح جداً، وأنت لست محتاج أبداً أن تجلس وتعاني كل هذه المعاناة، وأحزنني قولك بأنك تفكر بالانتحار، الأمر وصل لشيء من السوداوية، لا، الحياة طيبة وجميلة وهذه الحالة يمكن أن تعالج، وأنت قطعاً إنسان محترم، وفي عائلة محترمة، ووالدك طبيب، ولديك مستقبل، فلماذا الاستسلام بهذه الطريقة، لا؟!

أنت تستفيد جداً من مضادات الوساوس ومحسنات المزاج، وهي كثيرة جداً، فأرجوك أن تتواصل مع والدك اليوم وتخبره بما ذكرناه لك، وأنا متأكد أن والدك سوف يوافق تماماً على ذهابك لمقابلة الطبيب وبداية العلاج الدوائي فوراً؛ لأن هذا النوع من الوساوس المختلط بالاكتئاب علاجه الجوهري والأساسي هو الأدوية، وأنت تحتاج لدواء واحد تقريباً بجرعة جيدة ولمدة جيدة وتستمر عليه حسب التعليمات التي يقولها لك الطبيب.

وأنا متأكد أنك في ظرف أسبوعين إلى أربعة أسابيع سوف تحس بتحسن كبير، هنا ابدأ وعش حياة إيجابية، إيجابية في كل شيء، في الأفكار، في المشاعر، في حسن إدارة الوقت، ممارسة الرياضة، الحرص على موضوع الدراسة، وهكذا، وسوف تجد أنه قد فتحت لك آفاق جميلة وجديدة جداً في الحياة بإذن الله تعالى، أرجو أن لا تؤخر ولا تؤجل هذه الموضوع، وليس هنالك ما يدعوك أبداً أن تطلب العلاج دون إذن أهلك، والدك طبيب، وأنا متأكد أنه سوف يتفهم تماماً وضعك وكذلك والدتك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية yara

    الله يفرج همك ويرزقك من حيث لا تحتسب ويجعل لك من كل ضيق مخرجا يارب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً