السؤال
السلام عليكم.
عمري 33 سنة، عازب، مدرس الأنظمة المعلوماتية في مرحلة الثانوية العامة، تم تعييني في بداية عملي بمنطقة نائية ذات ظروف معيشية قاسية، قلة المياه، شدة الحرارة في الصيف، وشدة البرودة في الشتاء، وتبعد عن مسكن والدي 730 كلم عبر طرق جبلية.
كنت أعاني من الوحدة لأن زملائي كانوا ينتقلون من المنطقة تباعا، لكن كانت ظروف العمل جيدة نسبيا، وكان الطلبة عموما يتمتعون بأخلاق عالية، كنت مسؤولا عن تدريس حوالي 170 طالبا مقسمين على 5 فصول، يضم كل فصل ما بين 30 و35 طالبا في قاعة تحتوي على 15 حاسوبا، لكن والدتي كانت تقلق علي لأني أسكن وحدي ولو بمحاذاة جيران، ولم أتوفق للزواج رغم عدة محاولات، فكانت تلح علي لأنتقل للعمل بالقرب منها.
كنت أخاف الخروج من منطقة الأمان، مع ذلك استخرت الله ولبيت طلبها فانتقلت إلى بادية تبعد 170 كلم عن مسكن والدي، وهنا بدأت المشاكل، تم تكليفي بتدريس ما يفوق 500 طالب مقسمين على 10 فصول، في كل فصل ما بين 35 و40 طالبا بمستوى جد متدني في المعرفة والأخلاق والمعاملة، في قاعة لا تحتوي على أي حاسوب، فكانوا لا يفقهون دروسي، ويحملوني مسؤولية ذلك، وينصرفون إلى الشغب، بل يصبون اهتمامهم على استفزازي وتهديدي والصراخ في وجهي، فأضحيت أمضي وقت عملي في صراع دائم معهم، لدرجة أني لم أعد أستطيع أن أتم عملي من شدة آلام الرأس والرعشة والدوار، ولم يكن هذا مشكلي وحدي، فقد كان بعض زملائي يتعرضون للانهيار وفقدان الوعي، بل أحدهم تعرض لسكتة قلبية ومات.
أنا الآن أتعاطى أدوية الاكتئاب، أمضي يومي شارد الذهن خائفا من المستقبل، بينما زملائي السابقون انتقلوا للعمل إلى المدينة التي يريدون ويعملون في ظروف أحسن، وقد أسسوا أسرهم، فلما أعاني هذه المشاكل وقد استخرت الله قبل الانتقال؟ حاليا لم أعد أدري ما أفعل، هل أرجع حيث كنت أعمل في البداية، رغم أن والدتي تنهار بالبكاء كلما ذكرت الموضوع، أم أسمع لكلامها وأجازف بالانتقال إلى مكان أخر قريب من والدي؟ فالوقت يمضي وأنا لم أستقر بعد، وصحتي لم تعد تتحمل، علما أن والدتي بلغت من العمر 73 سنة، ووالدي 83 سنة، وهما يقطنان مع أختي التي تعاني من رهاب ركوب السيارات، وأخي يعمل خارج البلاد، وزوجته تسكن قربنا (مسافة 30 كلم) وهي تملك سيارة.