الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متفوق دراسياً ورياضياً لكنه لم يملك رؤية لمستقبله..ما تعليقكم؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما حكم الشرع فيمن يطلق عليه من العامة (راجل طيب)؟ أحياناً يطلق عليه (رجل بسيط أو عبيط أو ساذج أو على نياته).

أتكلم عمن هو متميز بالتفوق الدراسي والرياضي في شبابه، وكان مضرب المثل لمن هم في سنه، ويتميز أيضاً بحسن الخلق، ونال محبة الناس، وكان ملتزماً بدينه، لكن لم يملك رؤية لمستقبله ولم يملك خبرة في الحياة.

لديه مشاكل عديدة، ولا يملك حكمة في تربية الأولاد أو التفكير في مستقبلهم، وبالتالي فاقه أقرانه مادياً ومهنياً، وبات يحسب من الفاشلين، هل قصر في حق نفسه وبالتالي هو مذنب؟ كيف وهو لا يمتلك القدرة حتى على التفكير السليم، والتخطيط للمستقبل! حتى في وجود من ينصح لم يكن حتى يفهم النصيحة ولا أبعادها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:

- لا شك أن إطلاق بعض التسميات والألقاب، لا ينبغي أن يلتفت إليها كثيراً، فأحياناً تصيب ومرات أخرى تكون خاطئة، ومثال ذلك ما ذكرت من وصف ساذج وعلى نياته، والعبرة دائماً بحال الإنسان في دينه وعقله وتصرفاته السليمة في الحياة، فإن كانت على ما يرام، فالحمد لله، وإن كانت غير ذلك، فعليه أن يستدرك على نفسه، ويصلح من حاله.

- أما ما ذكرت عن حال من ذكرته وأنه كان موفقاً في دراسته وكان رياضياً متميزاً، ويمتاز بحسن الخلق، ونحو ذلك، فهذا يدل على أنه على خير، ولديه قدرات وإمكانات، وما فاته من أمور إيجاد رؤية لمستقبله أو حسن إدارة حياته وحل مشكلاته وحسن تربية أبنائه، يمكن تدراك هذا الأمور كلها، فالحياة يتعلم منها الإنسان ومهما كبر في سنه، فعليه أن يستعين بالله، ويسأل الله الهداية والتوفيق، ويتعلم ويستشير أهل الخبرة ويستفيد منهم ما فاته وفاقه فيه أقرانه، وينبغي أن يتفاءل ولا يلتفت لكلام الناس عنه بما يؤدي إلى إضعاف همته أو تصويره أنه عاجز لا يقدر على شيء.

- من جانب آخر لو فرضنا أنه لم يوفق في بعض أمور حياته بعد بذل الأسباب في تحقيق نجاحه في حياته، وفاق عليه أقرانه، وتحقق لهم ما يريدون، فينبغي أن نعلم أن الله لم يقدر له ذلك وعليه أن يصبر ويحتسب، وإن ما حصل لغيره كان من فضل الله عليهم، فلا ينبغي أن يحزن أو يتحسر، فكم ممن بذل السبب حتى يصبح غنياً ولم يكن كذلك، وهكذا في سائر الأمور.

- أما سؤالك هل قصر في حق نفسه فبالتالي هو مذنب؟ فالجواب إن كان قد بذل الأسباب لأن يكون موفقاً في حياته، ولكنه لم يوفق، فليس بمذنب، ومثال ذلك أن الأب الذي بذل السبب في تربية أبنائه لكن أبناءه لم يكونوا كما أراد لهم، فلا إثم عليه وقد أدى ما عليه، ولكن الله لم يرد صلاحهم لحكمة يعلمها الله.

أما إذا كان لم يبذل الأسباب لأن يكون موفقاً في حياته، فبغض النظر هل يأثم أم لا؛ فإنه لا شك يدرك ويشعر بما فاته، والذي ينبغي عليه فعله أن يسارع في تدراك ما فات عليه، وقل له يبشر بخير إن شاء الله تعالى.

أما قولك بأنه لا يمتلك القدرة حتى على التفكير السليم والتخطيط للمستقبل حتى في وجود من ينصح، فلا شك أن لهذه العلة سبباً، فإن من ذكرت عنه أنه كان في ماضي حياته في تفوق والناس ينظرون إليه بإعجاب، فكيف الآن لا يفهم؟! فهل ما ينصح به فوق مستوى عقله أم أنه يرى أنه لا يقدر على فعل نصح به، أو أن الناصح له يأتي بالنصيحة بقالب السخرية والشماتة، ولهذا لم يقبل نصحه، أو أنه يرى أنه أصبح كبيراً ولا فائدة من تدراك الأمر؟!

المهم الآن لا بد من معادوة الكرة في نصحه، وبطرق متعددة وبلطف ورفق، مع بيان أهمية ما ينصح به، وأن ينصح بدخول دورات في بناء القدرات والتخطيط للمستقبل ونحو ذلك، ويدعى له بظهر الغيب بأن يصلح الله حاله، ولا ينبغي أن نشعره باليأس من صلاح حاله، فإن الله قادر على كل شيء، ومن بذل السبب وأحسن العمل وحسنت نيته وفقه الله إلى ما يريد.

كان الله في عونه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً