الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت أشعر بالخوف رغم تناولي علاج نوبات الهلع!

السؤال

عمري 19 سنة، منذ سنة وشهر أصابتني أول نوبة هلع في حياتي، وفي البداية لم أكن أعرف ما هي، شعرت بالخوف والرعب الشديد الذي يدخل قلبي، وشعرت بإحساس غريب مثل الانطفاء أو الانفصال عن العالم جزئياً، وزيادة في دقات قلبي.

بعد انتهاء النوبة تجاهلت الموضوع، لكن كنت أشعر بالخوف والقلق دائماً، بدون سبب، ومع الأيام بدأت حالتي تصبح أسوأ وأسوأ، وكنت كل يوم أشعر بالخوف أكثر من اليوم الآخر.

بعد شهرين من الخوف أصابتني نوبة هلع قوية جداً، لا أستطيع بسببها الجلوس في مكاني أو تهدئة نفسي بأي طريقة، وبعد ذلك كنت لا أستطيع النوم في الليل إلا بصعوبة كبيرة جداً، وكنت أنام تقريباً 3 ساعات فقط، وكانت أمي ترفض الذهب بي إلي طبيب نفسي؛ لأنها كانت تقول: إن الأدوية النفسية تدمر الصحة.

مع صعوبة الحالة ذهبت إلى طبيبب نفسي، ووصف لي أربعة أنواع من الأدوية، لا أذكر اسمها، ومع أول جرعة من الأدوية، شعرت بتحسن كبير، ومع الأيام وتحسن حالتي توقفت عن الأدوية كلها.

بقيت الآن آخذ حبةً فقط من دواء (باروكسيتين سي ار مساءً) تركيز 25مجم، لكن مع هذا الدواء لا أشعر بالتحسن الكلي، وما زلت أشعر بالخوف طول اليوم، وأجد صعوبة في التركيز، ولا أستطيع تجميع أفكاري عندما أتكلم مع شخص.

أنا الآن وأنا أكتب حالتي لا أستطيع تجميع أفكاري وأصف حالتي بشكل صحيح، وهل هذا الدواء يسبب زيادة الوزن؟ لأنه قبل الأدوية النفسية كان وزني 75 كيلو، والآن 87، وطولي 178سم، وأنا أصلي دائماً لكن لا أستطيع التركيز في الصلاة أو الخشوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أخي: كل الأعراض التي تحدثت عنها مرتبطة بنوبة الهلع أو الهرع أو الفزع التي أصابتك، والوسائل العلاجية كثيرة جدًّا، أهمها العلاجات السلوكية النفسية، ثم بعد ذلك تأتي العلاجات الدوائية.

من الناحية السلوكية: أريدك أن تتعرف أكثر على نوبات الهلع، تتعرف على كل الأعراض المرتبطة بالفزع والهلع، وأنها أعراض لا تؤثّر على حياة الإنسان أو عمره أو صحته أبدًا، هي أعراض محصورة تظلُّ مع الإنسان خمس عشرة دقيقة، إلى نصف ساعة، وليس أكثر من ذلك، وبعد ذلك تنتهي.

إذًا الإلمام بالأعراض كلها أمرٌ جيد، والإنسان يُدرك أنها أعراض وقتية، وليس أكثر من ذلك، حتى إذا أتى للإنسان عرض كان يعرفه -كجزء من نوبات الهلع- فلن يستغربه، مثلاً: تسارع ضربات القلب، أو مثلاً الشعور بالدوخة، أو الدوار، أو الشعور بأن الإنسان لن يسيطر على الموقف، أو أنه سوف يسقط. إذا أتى هذا الشعور للإنسان مثلاً وهو يُدركُ مسبقًا أن هذا أحد أعراض الفزع فلن يستغربه الإنسان؛ إذًا الإلمام بالأعراض دون وسوسة هو أمر علاجي جيد.

الأمر الثاني هو: أن تمارس التمارين الرياضية، الرياضة مهمة جدًّا ومفيدة جدًّا، وأن تشغل نفسك بما هو مفيد، وأنت الآن لا تعمل، ولا بد أن تبحث عن عمل أو دراسة للتخلص من الفراغ.

بالنسبة للصلاة مع الجماعة: هي التي ستُحسّن من تركيزك، وستُحسّن -إن شاء الله تعالى- من الخشوع، حاول أن تنقل نفسك بكل كُلِّياتك ومشاعرك نحو الصلاة، واعرف أن هذه الصلاة لا تستغرق وقتًا طويلاً، فقل لنفسك: (لماذا لا أركّز في هذا الوضع) وأنت تعرف -أخي الكريم- أن الإنسان حين يقف أمام ربه لا بد أن يكون خاشعًا، قال أحد التابعين -وهو حاتم الأصم-: "حين أقف في مصلَّاي أتصور عرش ربي أمامي، والجنة عن يمني، والنار عن يساري، وملك الموت خلفي".

هذه الإحاطة الجميلة تجعل الإنسان خاشعًا في الطاعة، وحين تحضر الصلاة الجهرية مع الإمام حاول أيضًا أن تتمعَّن وتتدبّر فيما يُقرأ من القرآن الكريم.

لا تنزعج لعدم التركيز هذا أو عدم الخشوع، لكن من المهم أنك من الآن فصاعدًا حاول أن تطور نفسك، أن تطور صلاتك، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

عليك بممارسة تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة على وجه الخصوص مفيدة جدًا، وإذا ذهبت إلى الطبيب النفسي يمكن أن يحوّلك لمقابلة الأخصائي النفسي، والأخصائي النفسي سوف يُدرّبك على هذه التمارين، أو يمكنك الاستعانة بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، أو أن ترجع لاستشارة إسلام ويب والتي رقمها (2136015). طبق هذه التمارين وإن شاء الله تعالى تساعدك كثيرًا للتخلص من هذه النوبات.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك: الـ (باروكستين CR) دواء جيد جدًّا، فعّال، نعم هو قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، وعليك أن تجتهد في ممارسة الرياضة، وأن تنظم الطعام حتى لا يزيد وزنك أكثر من هذا، ويمكنك أيضًا أن تتناول عقار (ميتفورمين) المنظّم للسكر؛ فهو معروف وجيد جدًًا، ابدأ في تناوله بجرعة خمسمائة مليجرام (500 ملج) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها ألف مليجرام (1000 ملج) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله. سوف يفيدك إن شاء الله في تخفيف الوزن، وهو سليم جدًّا.

لتُحسِّن من فعالية الباروكستين -أو السيروكسات- يمكنك أن تتناول عقار (فلوبنتكسول) بجرعة نصف مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً