الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشاكل صحية، وأبي يتهمني بالكذب، كيف أقنعه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب مدرسة عمري 17 عاماً، في السنة الماضية أصبت بفقر الدم، وبعده تراكمت علي الأمراض، مثل: التهاب الرئة، القولون العصبي، حصى الكلى، والكثير من الأمراض الأخرى، لكن هذه كانت أصعبها.

مؤخراً أصبحت أفكر بالموت كثيراً، لأني يومياً أمرض وأبتلى بشيء جديد، ولم أعد أستطيع التحمل، فكرت أكثر من مرة في الانتحار، ولكنني أخاف من عذاب ربي، لذلك كنت أمنع نفسي، وأصبحت كلما أطلب من أبي أن يأخذني إلى الطبيب يرفض، ويقول إنني أكذب، وإنه يجب علي الاهتمام بدراستي، فما أطلبه منكم هو النصيحة.

وأنا شاكر لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، ونسأل الله تعالى الصحة والعالفية.

ما أصابك - ابننا العزيز - من أمراض عضوية لم يكن ليُخطئك، ولا شك أنه ابتلاء وامتحان واختبار من الله سبحانه وتعالى، وعسى أن يكون في ذلك خيرًا كثيرًا، إذا احتسبت الأجر وصبرت على ما أصابك، وكما قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: «‌عَجَبًا ‌لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَه كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ فكَانَ خَيْرًا»، وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ وَجَعٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ، حَتَّى ‌الشَّوْكَةِ ‌يُشَاكُهَا أَوِ النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا»، وقال تعالى في سورة البقرة: {‌وَعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وقال: {إنما يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب}، وقال تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين}.

صحيح - ابننا العزيز - أن المرض وآلامه لا يشعر به إلَّا صاحبه، والواجب على الآخرين التعاطف مع المريض لتخفيف وطأة الألم، ويُؤجرون على ذلك -بإذن الله-، والله تعالى عند المنكسرة قلوبهم، ولذلك حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على زيارة المريض والدعاء له.

أمَّا موضوع التفكير في الموت؛ فالمرض قد يكون سببًا للموت، وقد يأتي الموت من غير مرض، وهناك من الأطباء مَن مات من غير علّة، وهناك منهم من مات بنفس المرض الذي تخصص فيه، ومن المرضى مَن مات بمرضٍ غير الذي أقعده على الفراش سنين عديدة، ومع كل هذا الله تعالى قادر على أن يشفي كل عليل ولو طالت علّته، وعلى المؤمن ألَّا ييأس من رحمة الله، ويُكثر من الدعاء، ويتصدّق بنية الشفاء، وينظر إلى ما أصابه من أمراض بأنها تكفير للذنوب ورفع للدرجات -إن شاء الله-، ويعلم تمامًا أن التفكير في التخلص من الحياة من الأفكار السيئة التي تؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه، وبهذا يخسر الشخص دينه ودنياه.

فعليك - ابننا العزيز - ألَّا تستسلم، بل قاوم مثل هذه الأفكار التي تعتريك؛ لأنها ليست الحل، وإذا لم تستطع مقاومتها فاطلب المساعدة من ذوي الاختصاص، فستجد -إن شاء الله- حلولاً كثيرة.

أمَّا بالنسبة لعدم اقتناع الوالد بما تُعانيه من أمراض؛ فهذا يثبته الفحص الطبي، ولا بد أن يتحدّث طبيبك مع الوالد ويشرح له الأمراض التي تعاني منها، ويشرح له ما تعانيه من آلام، حتى يقتنع الوالد بأنك فعلاً تعاني من هذه الأمراض، ولا تعليم من غير صحة، ولا دراسة من غير صحة، فالصحة تأتي أولاً، ثم التعليم ثانيًا، فليقتنع -إن شاء الله- الوالد بما يُدلي به طبيبك ويقتنع -إن شاء الله- بأنك محتاج إلى المساعدة، ومحتاج إلى العلاج.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً